بالمعروف يحسن وإن خاف القتل لأنه أطلق، فتدل على صحة ما يقوله مشايخنا إنه إذا خاف على نفسه فالأولى أن يقوم بذلك لما فيه من إعزاز الدين، وقد روى الحسن عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر يقتل عليه)، وقال عمرو بن عبيد: لا نعلم عملا من أعمال البرّ أفضل من القيام بالقسط يقتل عليه!».
المنهج وهذه الأصول
وقد مضى الحاكم في تفسيره معتمدا على هذه الأصول فلم ينقضها في تفسير آية أو تأويلها، وسوف يظهر ذلك جليا عند الكلام على حدوده في التأويل- بصورة عامة-. ولعل مما تجدر الإشارة إليه أنه فسر الاستقامة في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا.. ) «١»
بما يوضح فهمه الدقيق للمنهج، والتزامه به في صورة دائمة، فنقل عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه تفسيرها بعدم الشرك بالله، ثم قال- أي الحاكم- «ومعنى هذا: أن يستقيم على الدين ولا ينقض أصله بفرع، فإذا قالوا لا شبيه له لم يثبتوا له مكانا وجهة، ولم يصفوه بالأعضاء الحسيّة.
وإذا قالوا إنه واحد لم يثبتوا معه قديما آخر. وإذا قالوا إنه عدل حكيم لم يضيفوا إليه القبائح. وإذا قالوا إنه صادق لم يجوّزوا عليه الخلف في الوعد والوعيد!».
وأشار إلى هذا المعنى أيضا في تفسيره لقوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) «٢» قال: لئن سألتهم الملائكة
(٢) الآية ٨٧ سورة الزخرف، ورقة ٤٢/ ظ.