(قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) «١» إنه يدل على أن كل مذهب لا دليل عليه فهو باطل. وفسر قوله تعالى: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ) «٢» بأنهم قبلوا من فرعون مخاريقه، ولم يقبلوا من موسى حقائقه، ثم قال:
«وهكذا حال العوام والجهال في كل زمان».
وقال في قوله تعالى: (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ. وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ، وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) «٣» إن الآية تدل على جواز المحاجة في الدين- وبطلان التقليد- لأن الله تعالى أمر عند محاجة القوم بالجواب. وشرح وجه دلالتها على ذلك بقوله:
«ووجه الاحتجاج في (أسلمت) من وجهين: أحدهما: ذكر الأصل الذي يلزم الكل الإقرار به من حيث دلت الحجج عليه. والثاني: إلزامهم ما أقروا به من أن الله تعالى خالقهم فيلزمهم اتباع أمره، فلذلك قال:
أسلمت وانقدت لأمره في إخلاص التوحيد له».
ويقف الباحث على الضيق الذي كان يستبد بالحاكم بسبب تلبيس أهل الباطل والبدع وتمويههم على العوام، حين يعوزهم الدليل والبرهان، ففي قصة موسى مع فرعون- في سورة الشعراء- حين دعي موسى إلى منازلة السحرة: (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ. يَأْتُوكَ
(٢) الآية ٥٤ سورة الزخرف، ورقة ٤٠/ ظ.
(٣) الآية ٢٠ سورة آل عمران، ورقة ١٢/ ظ.