العدل والتوحيد، ولا يأمن النشوء على الجبر، فما الواجب؟ قلنا: الانتقال من تلك الديار!».
وبعد أن شرح قوله تعالى: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً) «١» وبين أن هؤلاء كانوا مقلّدة قلّدوا على ظن حتى سمعوا القرآن والحجة فرجعوا متعجبين مما كانوا عليه؛ ذكر هذه الصورة التي نقلناها في الفقرة السابقة، وهي صورة شاخصة موحية، قال: «وهذا كرجل يرى شيخا على كرسي، متطيلسا متعمما متحنكا وحوله القيام من الناس وهو يبكي ويتضرّع ويعلم الناس التشبيه والجبر!! فظن أنه على شيء، وأنه لا يكذب على الله!».
وقال في قوله تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) «٢» إن الآية تدل على عظيم موقع العلم في زمان يكثر فيه الجهال! ثم قال:
«ومتى قيل: لماذا يعظم موقعه عند كثرة الجهال؟ قلنا: لقلة الدواعي إلى العلم، ومشقة العلم، وصرف الجهال إياه عنه».
وهو في تفسيره دائم الحملة على «علماء السوء ورؤساء الضلالة» إذ لا ضرر أعظم من ضررهم «٣» وكما أكفر المشبّهة، فقد حكم أيضا بأن الجبر والإرجاء من دين اليهود كما ذكر ذلك في تفسيره لقوله تعالى:
(٢) الآية ٦٣ سورة العنكبوت. ورقة ٧٠/ ظ.
(٣) راجع التهذيب، المجلد الأخير: الأوراق ٣٩/ و، ٥٥/ و، ٦٤/ ظ، ١٦١/ و.