وقال أيضا في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما... ) - الآيات ٨ - ١١ من سورة العنكبوت- إنها تدل على بطلان قول المخالف في المخلوق، وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم «من وجوه كثيرة ظاهرة لمن تأملها» «١».
هذا عدا آيات أخرى كثيرة يجد فيها الحاكم ما ينقض أقوال المجبرة وبخاصة مما هو معروف كآيات المشيئة، والآيات التي تنتهي بنحو قوله تعالى «لعلكم تعقلون» و «لعلهم يهتدون»، والآيات التي تضيف القبائح إلى النفس وإلى الشيطان... الخ.
ونختم هذه الفقرة بهذه الدلالات الكثيرة- والدقيقة- التي حشدها الحاكم في التعقيب على الآيات التالية- والتي تتصل بالنوع الأخير وبالأنواع الأخرى السابقة- قال تعالى: (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ، أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ، أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ،