(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ) «١» إنها تدل على أن الاعتماد يجب أن يكون على معرفة معاني الكتاب لا تلاوته. وقال في قوله تعالى: (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ، وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ، وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ، كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) «٢» إن الآية تدل على ذنب من لا يعمل بكتاب الله مع تلاوته.
ثم قال: «وهذا سبيل علماء السوء من هذه الأمة، وبين أن حالهم كحال الجهال في أن كل واحد لا ينتفع بذلك».
وذكر الحاكم كذلك أن من مذهبه صحة معرفة معاني القرآن خلافا «لبعضهم» ممن يقولون إن في القرآن أشياء «لا طريق لنا إلى معرفتها» «٣» أو إن في القرآن ما لا يفهم معناه. وردّ هذا أيضا بأن المقصود من الخطاب معرفة مراد المخاطب، فوجب أن يكون له طريق إلى معرفة مراده وإلا كان عبثا! ولأنه إذا كان له فائدة بالمواضعة فإذا خاطب به فلا يخلو إما أن يريد به ما وضع له فلنا طريق الى معرفته، أو غير ما وضع له فلا بد أن يدل عليه، وإلا كان ملبّسا أو معمّيا أو ملغزا، وهذا لا يجوز! ولأنه قد ثبت عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم أنهم كانوا يستدلون بالقرآن ويرجعون اليه ويفسرونه من غير انكار لتفسير بعض الآيات، فدل على أن جميعه مما يعرف «٤».
(٢) الآية ١١٣ سورة البقرة: ورقة ١٤٥.
(٣) شرح العيون ورقة ٢٦٤.
(٤) المصدر السابق، نفس الورقة.