وقد تحملنا كثرة استطراداته تلك على الظن بأنه كان له هدف تعليمي في تفسيره من خلال إعراب القرآن، حيث يضع طالب العلم أمام نصوص العربية الخالدة وجها لوجه. ولا يبعد هذا الظن ما رجحناه من قبل من أنه قد وضع تفسيره المطول هذا بالعربية، قبل أن يكتب تفسيريه الآخرين بالفارسية، فلعله كان ينوي تلخيصهما عنه، وليست حاجة العرب- على كل حال- تقل كثيرا حاجة الفرس في القرن الخامس والقرون التالية إلى تذكّر قواعد اللغة وهم يقرءون التفسير، أو يقفون على وجوه الإعراب والتأويل. على أن العناية الزائدة بالإعراب في التفاسير المطولة كانت من طابع هذا العصر، كما أشرنا إلى ذلك في التمهيد لهذه الرسالة.
٤ - وغني عن البيان أن إعراب الآية عند الحاكم طريق وتمهيد لتفسيرها وبيان «معناها» في الفقرة التالية، ولكنه ربما قدم القول هنا في حل إشكال سوف يعترضه عند الكلام على «المعنى» لأن ظاهر المعنى مما لا يجوز عنده، أو مما لا يقول به أحد، قال في قوله تعالى:
(وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) «١»
«الاعراب: يقال: ما حكم الاستثناء في قوله (إلا من ظلم)؟ قلنا:
فيه وجوه: أولها إلا من ظلم فيما فعل من صغيرة، فيكون الاستثناء في هذا متصلا، في معنى قول الحسن. وثانيها: لكنه من ظلم العباد فهذا