خامسا: النظم
قال الحاكم رحمه الله في بيان فكرته هذه في النظم: «إن القرآن على ما هو عليه من السور والآيات اتصل بعضها ببعض، كذلك أنزل، وفي ذلك غرض وفائدة» «١» وهذا ما دعا الحاكم في تفسيره إلى بيان هذه الصلة وتأكيدها بين الآيات في السورة الواحدة، وبين السور أيضا على ما هي عليه في ترتيب المصحف.
ولهذا كان من نافلة القول أن نذكر بعد ذلك أن الحاكم يقول:
إن ترتيب الآيات والسور توقيفي وليس من اجتهاد الصحابة. وإذا كان ترتيب الآيات- على ما يذهب إليه الحاكم- ليس فيه خلاف يعتدّ به، فقد ذهب بعضهم إلى أن ترتيب السور اجتهادي وليس بتوقيفي.
وتتضح لنا فكرة الحاكم عن «النظم» وطريقته في هذه الفقرة- التي تستحق العناية والإفراد بالإشارة- من خلال النقط التالية:
١ - جرت عادة الحاكم أن يورد بضع آيات مجموعة- كأي مفسر آخر- ثم يبدأ بتفسيرها على طريقته التي نتحدث عنها في هذا الفصل: يبدأ بالقراءة فاللغة فالإعراب.. الخ، فإذا كانت الصلة بين هذه المجموعة والمجموعة التي تليها جلية لا تحتاج إلى بيان، ألمح إلى هذه الصلة في مطلع كلامه على «المعنى» في الآيات التالية، وإن كان وجه ارتباط الآيات بالآيات السابقة خفيا أو دقيقا يحتاج إلى بيان عقد له فقرة «النظم» هذه، يلتمس فيها وجه الصلة والارتباط، وبخاصة في المواطن التي يحسّ

(١) التهذيب المجلد الأول، ورقة ٢/ ظ. ويعني بقوله: «كذلك أنزل» أنه أمضي على هذا النحو من الترتيب وحيا وتوقيفا.


الصفحة التالية
Icon