السلاجقة- الذين قدموا الأشاعرة بعد- وإنما كان على يد محمود بن سبكتكين الذي سبقت الإشارة إليه، ففي سنة ٤٣٠ انتزع الرّي من البويهيين فجمع من فيها من المعتزلة ونفاهم إلى خراسان «وأحرق كتب الفلسفة ومذاهب الاعتزال والنجوم» «١» واستخرج من بيت كتب الصاحب بن عباد كل ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه- وكان فهرس كتبه يقع في عشر مجلدات «٢» - وقد ذكر الحاكم أن السلطان المذكور بعث بكتاب إلى عامله بنيسابور بحمل المعتزلة إلى حضرته بغزنة فحمل إليه ثلاثة
نفر هم رءوس القوم «فبعث بهم إلى غزدار فماتوا هناك» «٣».
ومع هذا فقد بقي الغالب على نيسابور- بيئة الحاكم- التشيع والاعتزال، ذكر الحاكم أن أبا رشيد النيسابوري المعتزلي أحد تلامذه القاضي عبد الجبار، كانت له حلقة بنيسابور يجتمع اليها المتكلمون بعد أن عاد إليها عقب وفاة القاضي عبد الجبار، وأنه لما لم يقاومه أحد من المخالفين خرج إلى الري «٤» وذكر أنه شاهد بعض الوزراء في خوارزم يذهبون مذهب العدل، وأن أمراء خوارزم وأكثر فقهائها معتزلة «٥».

(١) الكامل لابن الأثير ٧/ ٣٣٥.
(٢) الارشاد لياقوت ٢/ ٣١٥ طبعة مارغوليوث.
(٣) انظر شرح عيون المسائل ١/ ورقة ١٣٦. وكان ابن سبكتكين على مذهب الكرامية المشبهة فيما يبدو، فقد جرت بين يديه مناظرة في مسألة العرش بين ابن الهضيم الكرامي وابن فورك، فمال إلى رأي ابن الهضيم «ونقم على ابن فورك كلامه وأمر بطرده لموافقته لرأي الجهمية!» ابن كثير:
١٢/ ٣٠.
(٤) شرح عيون المسائل ١/ ورقة ١٣٥.
(٥) المصدر السابق الورقتين ١٥٤، ١٥٦.


الصفحة التالية
Icon