من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا، ثم يرجع الأمر والتدبير إليه بعد انقضاء الدنيا في يوم كان مقداره ألف سنة، وهو يوم القيامة. والمدة المذكورة مدة يوم القيامة إلى أن يستقر الخلق في الدارين، وعلى هذا القول: المراد بقوله (خمسين ألف سنة) في الآية الثانية: أي على الكافر؛ يعني أنه يستطيل ذلك اليوم لشدة ما يلاقيه فيه. وقيل: إن المراد بالآية الثانية هو يوم القيامة أيضا؛ عن الحسن وقتادة والضحاك، قالوا:
«فقدر موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس خمسون ألف سنة من سنين الدنيا، أما عروج الملائكة فيكون في بعض ذلك اليوم». وقيل: لو ولي المحاسبة غير الله تعالى في ذلك اليوم لم يفرغ إلا بعد خمسين ألف سنة، وهو- تعالى- يفرغ منه في ساعة، عن الكلبي «١».
وقال في تفسيره لقوله تعالى: (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) «٢» «ومتى قيل: أليس وصف الريح بالعاصف في قوله:
(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) «٣»
؟ قلنا: مرة عاصفة، ومرة لينة- فسر هو الرخاء بالسريعة الطيبة، أو باللينة- بحسب إرادة سليمان معجزة له».
وقال في قوله تعالى: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ.. ) «٤» «ومتى قيل: فما الجامع بين هذه الآية وبين قوله:
(وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) «٥»
؟ قلنا: قوله: لا ينفعهم معذرتهم، لا يدل

(١) التهذيب، ورقة ٩٠/ و.
(٢) الآية ٣٦ سورة ص، التهذيب، ورقة ٥/ و.
(٣) الآية ٨١ سورة الأنبياء.
(٤) الآية ٥٢ سورة غافر، التهذيب، ورقة ٢٢/ و.
(٥) الآية ٣٦ سورة المرسلات.


الصفحة التالية
Icon