ب) وقال في قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) «١» إنهم اختلفوا في تفسيره، قيل معناه: إلا أن تتقربوا إلى الله وتتوددوا إليه بالطاعة والعمل الصالح؛ عن الحسن وأبي علي وأبي مسلم، قال الحاكم: والمعنى لا تتقربوا إليّ بالأجرة، لكن تقربوا إلى الله بالعمل الصالح، فعلى هذا: الخطاب للمؤمنين. وقيل: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى): إلا أن تودّوني لقرابتي منكم وصلة الرحم، وكل قرشي كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه قرابة، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي والضحاك... وعلى هذا الخطاب للكفار، يعني إن لم تودوني للرسالة فلا تتركوا مودتي لحق القرابة التي بيني وبينكم. وقيل:
إلا أن تودوا قرابتي وتحفظوني فيهم، عن علي بن الحسين وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب وجماعة.
وبعد أن أطال الحاكم القول في اختلاف هؤلاء في هذه القرابة قال:
«ومتى قيل: أي الأقوال أصحّ؟ قلنا: قول الحسن وأبي علي؛ لوجوه:
منها أن الخطاب للكفار، لأن المؤمنين كانوا يعلمون أنه لا يسألهم أجرا فكأنه وصاهم بطاعته ليأنسوا إليه. ومنها: أنه قال عقيبه (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) وأن المراد بالقربى: الأمور المقرّبة إلى الله.
ومنها: أن من كان من أقربائه مؤمنا فولايته واجبة كسائر المؤمنين، ومن كان كافرا أو فاسقا فمعاداته واجبه، ولذلك نزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) في عمه، فلا معنى لتخصيصهم بذلك. ومنها: أن مودتهم لا يجوز أن تجعل أجرا له. ومنها: أنه قال في موضع آخر:

(١) الآية ٢٣ سورة الشورى، ورقة ٣٢/ و.


الصفحة التالية
Icon