إن هذه الفقرة في الغالب من استنباط الحاكم نفسه، ولذلك كانت آصل في الدلالة على تمييز الحاكم من تعقيباته التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة، وطريقته فيها هي طريقته الجدلية المعروفة: «فان قيل.. قلنا».
٢ - لا يعني الحاكم بهذه الفقرة: الأحكام الشرعية أو الفقهية، فهو وإن كان قد عرض لمثل هذه الأحكام بإيجاز في أحوال كثيرة، ورجح فيها ما يراه، فإن أكثر أحكامه هنا داخلة في باب التوحيد والعدل، بالإضافة إلى الكثير من الأحكام الاخلاقية والسلوكية وما ترشد إليه الآية.
والمدلول الواقعي لكلمة «الاحكام» من خلال الأمور التي تضمنتها هذه الفقرة في تفسيره: هو ما يؤخذ من الآية أو يستفاد منها، أو ما ترشد إليه الآية وتدل عليه على وجه العموم.
٣ - ونورد فيما يلي شاهدين للدلالة على طريقته في هذه الفقرة، وعلى هذا المدلول لكلمة «الأحكام»:
أ) قال الله تعالى: (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ. ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) «١»

(١) الآيات ١ - ٥ سورة الحشر، ورقة ٩٠/ ظ.


الصفحة التالية
Icon