مقاتل، وقيل: كانت تقعد للقضاء إلى انتصاف النهار.. ثم تدخل البيت وتنام فجاء الهدهد ودخل كوة البيت فألقى الكتاب عند رأسها.. وتولى، فانتهبت ورأت الكتاب ففزعت وخافت أن يكون وقع في ملكها شيء، فحملته وخرجت إلى الناس. وقيل أتى بالكتاب إليها وهي على ثلاثة أميال من صنعاء اليمن نائمة في بيتها، فوضع الكتاب على صدرها، عن قتادة! وقيل: كان لها كوة مستقلة للشمس تقع الشمس عند ما تطلع عليها، فإذا نظرت إليها سجدت، فجاء الهدهد إلى الكوة فسدها بجناحه، فارتفعت الشمس ولم تعلم، فقامت تنظر فرمى الكتاب إليها، عن وهب وابن زيد».
وذكر أيضا عدة أقوال في الهدية التى بعثت بها الملكة إلى سليمان، كما ذكر صورة دقيقة «للاحتفال» الذي قدمت فيه هذه الهدية، واصطفّت فيه الشياطين والوحش والسباع والطيور...
ولكن من الظلم للحاكم، على كل حال، أن يحكم عليه بأنه حفل بهذه الأخبار، أو حرص على أن لا تفوته في تفسيره القيم. وقد تكون قصة سليمان هذه من أبرز الشواهد على تسرب هذه الروايات إلى تفسيره، وبهذا القدر الذي لم يزد عليه في قصة أخرى.
د- وأخيرا فقد نص في تفسيره على عدم اكتراثه بما يرويه أهل الكتاب أو بما ينقلونه، قال في تفسير قوله تعالى في قصة إبراهيم: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ.. ) إلى قوله تعالى (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ. كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.. ) «١».