من الباقين» كما يقول «١».
ويبدو أن عناية الصوفية بالمظاهر قد زادت في هذا القرن، يحدّثنا المقدسي عن مجالسهم في القرن الماضي وما كان يجري فيها من الغناء بقوله:
«فكرة أزعق معهم، وتارة أقرأ لهم القصائد» «٢» أما في هذا القرن فقد حفلت مجالسهم بالرقص حتى إن الهجويري «٣» يقول إنه لقي طائفة من العوام يظنون أن مذهب التصوف ليس إلا الرقص «٤» ولم يحملهم على هذا الاعتقاد- فيما يظهر- إلا كثرة ما يشاهدونه من شيوع هذه الطريقة لدى الصوفية.
وزاد الصوفية أيضا في هذا القرن طبقات أوليائهم و «نظموها» على طريقة تقرب من الطرائق الكهنوتية- وكل هذا دخيل على التصوف الإسلامي الصحيح «٥» - ففي القرن الرابع يذكر المؤرخون من طبقات الصوفية طبقة الأبدال «٦» أما في القرن الخامس فيذكر الهجويري لهم

(١) انظر مقدمة الرسالة القشيرية، صفحة ٢ - ٣.
(٢) أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، صفحة ٤١٥ وكان قد لقيهم بمدينة السوس باقليم خوزستان.
(٣) من علماء الصوفية وأعلامهم في القرن الخامس، ورسالته «كشف المحجوب» وضعها في إصلاحهم كما فعل القشيري، وهي باللغة الفارسية، والنقول عنها هنا من كتاب الحضارة الإسلامية للأستاذ آدم متز.
(٤) كشف المحجوب صفحة ٤١٦ (آدم متز ٢/ ١٩).
(٥) لعل ذلك أثر من أثار رسوخ عقيدة الجبر عند هؤلاء!
(٦) جمع بديل، ويقال إن عددهم سبعون: أربعون منهم في الشام، وثلاثون في سائر البلاد. انظر تفصيل القول في هذه الطبقة والخلاف في عددها: كتاب كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي ١/ ٢١٠ - ٢١٣.


الصفحة التالية
Icon