ثالثا: أثر الحالة السّياسيّة والدينيّة في الحياة العامة
وكان لهذه الحالة السياسية والدينية- المضطربة والمتناحرة- أثرها السيئ على الحياة العامة، بما حملته من الفرقة والانقسام، وبما صاحبها من الفتن والمنازعات بين العساكر والأجناس، وبين أصحاب الفرق والمذاهب:
١ - الفتن السياسية
: يذكر ابن الأثير في أحداث سنة ٤١٧ أنه كثر فيها تسلط الأتراك ببغداد فأكثروا مصادرات الناس وأخذوا الأموال، حتى إنهم قسّطوا على الكرج خاصة مائة ألف دينار، وعظم الخطب وزاد الشر وأحرقت المنازل والدروب والأسواق، «ودخل في الطمع العامة والعيّارون فكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره كما يفعل السلطان» ويذكر أن الحرب قد وقعت بين الجند والعامة فظفر الجند فنهبوا وقتلوا «١» ثم في عام ٤١٩ شغب الأتراك ببغداد على «جلال الدولة» حتى إنه باع فرشه وثيابه وخيمه وفرق ثمنها فيهم حتى سكتوا، ولم يلبث الخلاف أن وقع بالبصرة بين الديلم والأتراك واقتتلوا «٢» وفي السنة التي استولى فيها طغرلبك على بغداد ٤٤٧ كثر فساد الغزّ ووقعت الفتن بين الأتراك والعامة ونهبت بعض جوانب بغداد «٣» وفيها اشتد الغلاء بمكة وعدمت الأقوات، وجرى نحو ذلك

(١) الكامل في التاريخ ٧/ ٣٢٥.
(٢) المصدر السابق: ٧/ ٣٣٤.
(٣) البداية والنهاية لابن كثير ١٢/ ٦٦.


الصفحة التالية
Icon