خاص. وهذا ما نحاول الآن القيام به في مطلع الدراسة التي نعدها لمنهج أبي مسلم في تفسير القرآن.
٣) أبان تفسير الحاكم عن جهود المعتزلة الكبيرة في الدفاع عن القرآن، ورد ما رمى به من دعوى التناقض واللحن والاختلاف، وأن فيه الدلالة على الشيء وضده- كما زعم ابن الراوندي وغيره- وذلك بما أسسوا من قواعد المنهج، وأوّلوا ما يدل بظاهره على خلاف العدل والتوحيد، غير متقولين في ذلك على لغة العرب، أو سالكين طريق تحريف الكلم عن مواضعه! ويحضرني هنا مقالة أبي الحسن الأشعري في تفسير أبي علي الجبائي إنه «لم يرو فيه حرفا واحدا عن أحد من المفسرين، وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه!!» «١» وقد علم الأشعري مكانة تفسير أبي علي في الرد على الملاحدة، والنقض على ابن الراوندي وعبيد الله بن الحسن العنبري، كما وقف على اعتماد أبي علي فيه على ابن عباس والحسن البصري، وغيرهما من الصحابة والتابعين.. حتى كان لنا أن نقول: إن هذا من الأشعري تهجم لا يليق!!
٤) أظهر لنا كتاب الحاكم تشدد المعتزلة في قبول القراءات القرآنية، ولهذا لم يعنّ الحاكم نفسه بذكر وجوه القراءات الشاذة، أو التي ثبتت بطريق الآحاد. أما صنيع الزمخشري من بعده فلا يلتفت إليه- وسوف نعرض للكلام على الزمخشري في الفصل التالي- كما أظهر لنا كتاب الحاكم تفوق مصنفه رحمه الله في الدفاع عن تاريخ القرآن نزولا وجمعا وتدوينا.. وما رده عنه في ذلك من شبهات الرافضة والملاحدة وسائر المارقين.