«النظم: يقال كيف يتصل قوله (أَفَمَنْ يَتَّقِي) بما قبله؟ «١» قلنا:
على تقدير: من لم يهتد بهدي الله لا يهتدي بغيره، أفيهتدي من يتقي بوجهه سوء العذاب؟ يعني المقيم على كفره؛ عن أبي مسلم.
«المعنى: (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي يدفع العذاب عن نفسه بوجهه، وهو غاية الضرورة، لأن الوجه أعز عضو من الإنسان. وقيل: يجرّ على وجهه في النار؛ عن مجاهد. وقيل:
معناه: يتلقى عذاب النار بوجهه. وقيل: يرد مغلولة يده إلى عنقه إلى النار وفي عنقه صخرة عظيمة من الكبريت، فتشتعل النار في الحجر فيبلغ وهجها على وجهه لا يطيق دفعها عن وجهه من أجل الأغلال؛ عن مقاتل.
«ومتى قيل: فما جواب: (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ)؟ قلنا:
محذوف تقديره: كمن هو آمن من العذاب، فحذف لدلالة الكلام عليه.
«(وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ) تقوله الخزنة. (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) أي وباله وجزاءه»
«٢».
قال الزمخشري: «يقال: اتقاه بدرقته: استقبله بها فوقى نفسه إياه واتقاه بيده. وتقديره: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن أمن العذاب! فحذف الخبر كما حذف في نظائره. وسوء العذاب: شدته،

(١) قبله قوله تعالى: (.. ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) من الآية ٢٣.
(٢) التهذيب، ورقة ١٠ - ١١.


الصفحة التالية
Icon