من الإعجاز لم يسبق إليه؟ وأين من بلاغة الزمخشري الإيجاز والاختصار وطوي المشاهد والأحداث؟!
يضاف إلى ذلك أن الآية الأخرى التي استشهد بها على مذهبه في الجمع والتفرق! وهي قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) لا تدل إلا على الضد مما ذهب إليه، لأن الآيات التالية لها هي: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ... ) وإعراب «أما» هذه ما نظن أنه يغيب عن ذهن الزمخشري بحال.
٦) مشيئة الإلجاء التي حمل عليها قوله تعالى: (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) معروفة من مذهب الجبائيين، وقد ذكرها الحاكم مع وجوه أخرى فائقة، ولكن الزمخشري لم ينسبها لأحد، وقام بالتدليل عليها، ثم بشرح هذا الدليل المعروف ببعض اللفظيات!!
د) تعقيب عام: وبعد، فإن الذي نعقب به في الجملة على هذا الموضوع بعد هذه الرحلة الطويلة، وبعد الرجوع إلى المزيد من الشواهد والمقارنات؛ يتلخص في النقاط
التالية:
١) كثير من وجوه التفسير والتأويل التي يذكرها الزمخشري موجودة في كتاب الحاكم، ومنسوبة فيه إلى أكثر من مفسر من مفسري المعتزلة والسلف المتقدمين.
٢) طريقة الزمخشري في عرض هذه الوجوه والآراء والتعبير عنها مغاير لأسلوب الحاكم من كل وجه، فأكثر كلام الزمخشري داخل في حد التعالي والغموض والتكلف.


الصفحة التالية
Icon