بين علم العربية والأصول الدينية، كلما رجعوا إليّ في تفسير آية فأبرزت لهم بعض الحقائق من الحجب أفاضوا في الاستحسان والتعجب، واستطيروا شوقا إلى مصنف يضم أطرافا من ذلك، حتى اجتمعوا إلى مقترحين أن أملي عليهم الكشف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل فاستعفيت!! فأبوا إلا المراجعة والاستشفاع بعظماء الدين وعلماء العدل والتوحيد. والذي حداني على الاستعفاء، على علمي أنهم طلبوا ما الإجابة إليه علي واجبة لأن الخوض فيه كفرض العين! ما أرى عليه الزمان من رثاثة أحواله وركاكة رجاله، وتقاصر هممهم عن أدنى عدد هذا العلم فضلا أن تترقى إلى الكلام المؤسس على علمي المعاني والبيان... » إلى آخر هذا الكلام الذي لا يدرى أي جانبيه أوغل في التنطع والزراية بجميع البلاد والعباد!!.
ثانيا: أثر الحاكم في سائر المفسرين
لقد كان لانقطاع كتب الحاكم في اليمن أثره في انعدام تأثيره في التفسير واتجاهات المفسرين في سائر بلاد العالم الإسلامي، واقتصار هذا الأثر على اليمن، فإذا وجدنا فيه من عكف على تفسير الحاكم، يقرؤه ويرويه، كما هي الحال عند كثير من الأئمة والعلماء كما قدمناه، أو من يفيد منه ويتعقبه، كما فعل ابن المرتضى وغيره، فإن المرء لا يطمع فوق ذلك بأكثر من أن يجد له بعض المختصرين وكتاب الحواشي! على عادتهم في هذه القرون التي تلت عصر الحاكم، لا في اليمن فحسب، بل في أكثر بقاع العالم الإسلامي. وقد وقفنا على من جرّد من «التهذيب» بعض