الأسفراييني (التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين) و (الملل والنحل) «١» أيضا. ثم جاء ابن حزم (ت ٤٥٦) فألف كتاب (الفصل في الملل والأهواء والنحل) على منهجه الخاص الشامل، وألف الشهرستاني (ت ٥٤٨) فيما بعد كتابه الموضوعي القيم في الملل والنحل.
ويرى الأستاذ آدم متز أن علم مقارنة الملل قد نشأ من قبل، ولكن في هذا القرن أقبل على البحث فيه «بعض المتكلمين الميالين إلى معرفة ما غاب منهم» «٢» ويكتفي بهذا التعليل بعد أن ردّ نشأة هذا العلم إلى تسامح المسلمين في حياتهم مع اليهود والنصارى. والواقع أن توسع البحث في الملل في هذا القرن أمر طبيعي بعد أن كثرت الكتب في أصول الدين والفرق الإسلامية، وفي الوقت الذي يرى فيه أهل السنة أن كثيرا من آراء هذه الفرق كان متأثرا بالملل القديمة. ويلاحظ آدم متز أن أبا الرّيحان البيروني (ت ٤٤٠) الذي ألف كتابه (تحقيق

(١) ومنه نسخة بمكتبة علي باشا الشهيد بالآستانة (انظر المقدمة المذكورة).
(٢) يرى آدم متز أن نشأة هذا العلم لم تكن من جانب المتكلمين، أو على أيديهم، لأن أول من ألف كتابا ذا شأن في (الآراء والديانات) هو النوبختي، وقد كان «من نقلة كتب اليونان إلى لسان العرب» كما وصفه متز، وكذلك المسعودي الذي ألف كتابين في الديانات لم يكن متكلما. وقد لا يصح هذا من الاستاذ متز لأن النوبختي الذي ولد في حوالي منتصف القرن الثالث كان من المتكلمين، وقد كتب في التوحيد والإمامة والرد على كثير من فرق المعتزلة وسائر الفرق ما يزيد على ثلاثين كتابا، كما أن المسعودي (ت ٣٤٦) كانت له عناية بالفرق والكلام إلى جانب كونه مؤرخا.
راجع كتاب فرق الشيعة للنوبختي بتحقيق ريتر، الفقرات: ٤ - ٦ من المقدمة، وانظر كتاب الحضارة الاسلامية لمتز ١/ ٢٩١.


الصفحة التالية
Icon