وسمع فيها من أبي الخطاب نصر بن البطر وغيره، وتوجه إلى الحجاز فأقام هنا لك مدة مجاورا بمكة يفيد ويستفيد» «١»، فقوله «قبل سنة خمسمائة» يدل على أن دخوله بغداد كان على أبعد الفروض ما بين (٤٩٥ - ٥٠٠) كما تدل باقي عبارته على أنه مكث مدة ببغداد سمع فيها من بعض العلماء ثم توجه الى مكة- وإن لم تكن الواو تقتضي الترتيب- وربما لم يدخلها، لذلك، إلا على رأس الخمسمائة. ومما يؤكد أن سفره إلى مكة كان بعد دخوله بغداد، أنه أقام بمكة «مدة مديدة يفيد ويستفيد» - وكل هذا بعيد عن طالب يدخل البلاد للسماع على العلماء- وأن رجوعه بعد ذلك إلى خوارزم- بلده- إنما كان من مكة ولم يكن من بغداد «٢». وكل هذا يدل على أن الزمخشري دخل مكة بعد وفاة الحاكم بها، وإذن فقد كانت تلمذته عليه في غير مكة، والراجح أنها كانت في جشم أو بيهق أو حيث كان يقيم الحاكم في إقليم نيسابور ويسعى إليه الطلاب، ومثل هذه الرحلة التي يقوم بها الزمخشري من قريته بخوارزم إلى بيهق ليست مما يلفت نظر المؤرخ، وبخاصة أن الزمخشري كان لا يزال طالبا صغيرا يسعى على طلب العلم في إقليمه الغني الواسع، فلو فرضنا أنه رحل- أو انتقل بتعبير أدق- وقد بلغ الخامسة عشرة من عمره- مثلا- لكان قد لقي الحاكم سنة (٤٨٢) وقرأ عليه مدة تبيح للمؤرخ أن يقول في ترجمة الحاكم: «وهو أستاذ العلامة الزمخشري» «٣»

(١) المصدر السابق.
(٢) راجع ترجمة الزمخشري في وفيات الأعيان ٢/ ٨١ (طبع مصر سنة ١٣١٠) وأزهار الرياض للمقري ٣/ ٢٩٥ وإنباء الرواة للقفطي ٣/ ٢٦٥.
(٣) طبقات الزيدية لابن القاسم (ورقة ١٧٣) وفيها ينقل عن القاضي الحافظ (ولعله القاضي أحمد بن أبي الحسن الكنى المتوفي سنة ٥٦٠ تقريبا.
راجع الطبقات ورقة ١٠ - ١١).


الصفحة التالية
Icon