بحثت طويلا عن أسباب أخرى، وبخاصة الأسباب السياسية ولكنني لم أقف على شيء، وقد وجدت أن ثناءه على الامام المرشد بالله كان عظيما كما أشرت الى ذلك في الحديث عن الزيدية، وأن من الراجح ألا يمتنع عن مبايعته عند خروجه سنة ٤٩١ ودعوته لنفسه، أو عن عدّه في «الأئمة» في كتابه (السفينة) الذي جعل قسما منه لأئمة الزيدية، واختلف فيه مع كثير من مؤرخيهم في عد بعض دعاتهم من الأئمة.
ويبقى السبب الذي أشارت اليه المصادر السابقة قائما معتبرا، وله ما يدعمه من شدته- رحمه الله- على المخالفين، وإن من المؤسف حقا أن الرسالة المذكورة لم تصلنا، ولقد كان من الممكن أن توضح قيمة هذا السبب ومدى أهميته- أو جديته- في هذه الواقعة المؤلمة، كما أنها ربما ألقت ضوءا كافيا على انتقاله الى مكة، وبخاصة اذا كانت من أواخر ما كتب أو آخر ما كتب، ولعلها كذلك، لأنه لم يشر اليها فيما اطلعنا عليه من كتبه الكثيرة الهامة، ولأنه قد قتل بسببها فكأنه لم يمهل حتى يكتب أو يؤلف! وإذن فمن الممكن أن يكون جمع فيها خلاصة طعونه المتفرقة والشديدة على المجبرة بعامة، وسلكهم في الفئات الطاغية الكفرية، وجعلهم من

- على قلوبهم... الآية) مصدرا بقوله: «وقال بعض من لا شبهة في جهله» وقد تنبه علماء الزيدية إلى أن من مزايا تفسيره الهامة أنه «أودع فيه الحجج الواضحة الباهرة في الرد على الفئة المجبرة وغيرها من سائر الفرق الكفرية!» - راجع نزهة الأنظار- ويبدو على كل حال أنه كان حاد الطبع، وأن هذه الحدة قد زادت ولم تنقص عند تقدمه في السن- على عادة بعض الناس- وأنه كان فيه جرأة وميل الى الصدع بما يعتقد أنه الحق. راجع مطلع البدور وطبقات ابن القاسم. وانظر فيما يلي كلامنا على محوره في تفسيره.


الصفحة التالية
Icon