من آراء في كتب المذاهب الأخرى. أذكر هنا من هذه الأمثلة ما نسبه الإمام الأشعري إلى المعتزلة من إنكارهم عذاب القبر، قال في كتابه «مقالات الإسلاميين ٢/ ١٠٤»: «واختلفوا في عذاب القبر فمنهم من نفاه وهم المعتزلة والخوارج، ومنهم من أثبته وهم أكثر أهل الإسلام» في حين يقرأ المرء في تفسير الحاكم تأكيدا مستمرا لقول صاحبه وقول أبي علي الجبائي وشيوخ المعتزلة الآخرين بعذاب القبر، حتى إنني- ابتداء وقبل أن أتنبه إلى نقل الأشعري- «أخذت» على الجبائي ما وقع فيه من الإسراف في الاستدلال على هذا الأمر؛ كما أشرت إلى ذلك في موضعه من هذه الرسالة! فلما تنبهت لنقل الأشعري هالني ذلك مرتين!!
ومن حق الباحث أن يفهم من قول الأشعري: قالت المعتزلة؛ أنه يعني بذلك أبا علي الجبائي، في المقام الأول، إن لم يكن على جهة الحصر؛ لأن الأشعري إنما تلقى الكلام- على مذهب المعتزلة- على أبي علي الذي كان أيضا زوجا لأمه. ولعل احتمالات الخطأ الكثيرة في نقل الأشعري، أو في النقل عنه، تنخفض نسبتها إذا وقفنا على تأكيد لهذا القول في كتاب «الإبانة» للأشعري، الذي ضمنه آراءه الكلامية الجديدة بعد تركه الاعتزال، فقال في مطلع الفقرة المقتضبة التي عقدها لهذه المسألة من مسائل الاعتقاد: «وأنكرت المعتزلة عذاب القبر» فأهمل هنا ذكر الخوارج، حتى لكأن هذا الإنكار وقف على المعتزلة..
ثم بدأ بالرد عليهم وبيان خطئهم.
ولا أدري كم يبقى من احتمالات الخطأ السابقة إذا وقفنا في بعض كتب الحاكم على الخبر التالي: روى القاضي عبد الجبار أن «بعضهم سأل