ليس الأمر بالصّلة هو النّهي عن القطيعة؟ قل: أو ما علمت أن الكناية والتعريض لا يعملان في العقول عمل الإفصاح والتكشيف» «١».
انتهى الفصل الذي أردت أن أكتبه. فقد بصّرك هذا أن لن يكون إيقاع نفي الوجود على صريح لفظ المثل، كإيقاعه على ضميره.
وإذ قد عرفت هذا، فإنّ هذا المعنى بعينه قد أوجب في بيت ذي الرّمة أن يضع اللفظ على عكس ما وضعه البحتري «٢»، فيعمل الأول من الفعلين، وذلك قوله: [من الوافر]
ولم أمدح لأرضيه بشعري | لئيما، أن يكون أصاب مالا «٣» |
ولهذا الذي ذكرنا من أن للتّصريح عملا لا يكون مثل ذلك العمل للكناية، كان لإعادة اللفظ في مثل قوله تعالى: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ [الإسراء:
١٠٥]، وقوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: ١ - ٢]، من الحسن والبهجة، ومن الفخامة والنّبل، ما لا يخفى موضعه على بصير. وكان لو ترك فيه الإظهار إلى الإضمار فقيل: «وبالحق أنزلناه وبه نزل»: و «قل هو الله أحد هو الصمد» لعدمت الذي أنت واجده الآن.
(١) في البيان والتبيين الكشف.
(٢) المقصود به البيت السابق.
(٣) البيت لذي الرمة في ديوانه (٢٠٠)، ورواية الديوان هي:
والبيت من قصيدة يمدح فيها بلال بن أبي بردة، وهو في الإيضاح (١١٣)، والمراد أنه لا يمدح اللئام من الناس ولو كانوا أثرياء.
(٢) المقصود به البيت السابق.
(٣) البيت لذي الرمة في ديوانه (٢٠٠)، ورواية الديوان هي:
ولست بمادح أبدا لئيما | بشعري أن يكون أفاد مالا |