ويشتري، ويأكل ويشرب» وأشباه ذلك، ازداد معنى الجمع في «الواو» قوة وظهورا، وكان الأمر حينئذ صريحا.
وذلك أنك إذا قلت: «هو يضرّ وينفع»، كنت قد أفدت «بالواو» أنك أوجبت له الفعلين جميعا، وجعلته يفعلهما معا. ولو قلت: «يضرّ ينفع»: من غير «واو» لم يجب ذلك، بل قد يجوز أن يكون قولك «ينفع» رجوعا عن قولك «يضر» وإبطالا له.
وإذا وقع الفعلان في مثل هذا في الصّلة، ازداد الاشتباك والاقتران حتى لا يتصوّر تقدير إفراد في أحدهما عن الآخر، وذلك في مثل قولك: «العجب من أنّي أحسنت وأسأت» و «يكفيك ما قلت وسمعت» و «أيحسن أن تنهى عن شيء وتأتي مثله؟»، وذلك أنه لا يشتبه على عاقل أن المعنى على جعل الفعلين في حكم فعل واحد. ومن البيّن في ذلك قوله: [من البسيط]
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم، | وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا «١» |
ومما له مأخذ لطيف في هذا الباب قول أبي تمام: [من الطويل]
لهان علينا أن نقول وتفعلا | ونذكر بعض الفضل منك وتفضلا «٢» |
ومثال ما هو من الجمل كذلك قوله تعالى: الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ
(١) من شعر الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، شرح الحماسة للتبريزي (١/ ١٢١).
(٢) البيت في ديوانه (ص ٢٣٧)، مطلع قصيدة في مدح محمد بن عبد الملك الزيات. ويروى:
«فتفضلا» بدل من «وتفضلا» وبعده:
لهان: أي والله لقد هان.
(٢) البيت في ديوانه (ص ٢٣٧)، مطلع قصيدة في مدح محمد بن عبد الملك الزيات. ويروى:
«فتفضلا» بدل من «وتفضلا» وبعده:
أبا جعفر أجريت في كل تلعة | لنا جعفرا من سيب كفيك سلسلا |