بدأ فدلّ بسكب الدموع على ما يوجبه الفراق من الحزن والكمد، فأحسن وأصاب، لأن من شأن البكاء أبدا أن يكون أمارة للحزن، وأن يجعل دلالة عليه وكناية عنه،
كقولهم: «أبكاني وأضحكني»، على معنى «ساءني وسرّني»، وكما قال: [من السريع]
أبكاني الدّهر، ويا ربّما | أضحكني الدّهر بما يرضي «١» |
ألا إنّ عينا لم تجد يوم واسط | عليك بجاري دمعها لجمود «٢» |
«لا أبكى الله عينك»، وذاك مما لا يشكّ في بطلانه.
وعلى ذلك قول أهل اللغة: «عين جمود، لا ماء فيها، وسنة جماد، لا مطر فيها، وناقة جماد، لا لبن فيها»، وكما لا تجعل السّنة والنّاقة جمادا إلّا على معنى أنّ السّنة بخيلة بالقطر، والنّاقة لا تسخو بالدّرّ «٣»، كذلك حكم العين لا تجعل «جمودا»
(١) البيت لحطان بن المعلى، وانظره في الإيضاح (٧) تحقيق د. هنداوي، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي (١/ ١٥٢)، وقد كنى الشاعر فيه بإبكاء الدهر له عن إساءته، وبإضحاكه له عن سروره.
(٢) البيت لأبي عطاء السندي في رثاء ابن هبيرة عند ما قتله المنصور يوم واسط بعد أن أمّنه، وو واسط مدينة بالعراق بناها الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد كنى فيه الشاعر بجمود العين عن بخلها بالدمع في الوقت الذي يجب فيه أن تدمع، انظر البيت في شرح الحماسة للتبريزي (٢/ ١٥١)، والإشارات والتنبيهات (١٢)، والإيضاح (٨).
(٣) الدر: اللبن. القاموس/ درر/ (٥٠٠).
(٢) البيت لأبي عطاء السندي في رثاء ابن هبيرة عند ما قتله المنصور يوم واسط بعد أن أمّنه، وو واسط مدينة بالعراق بناها الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد كنى فيه الشاعر بجمود العين عن بخلها بالدمع في الوقت الذي يجب فيه أن تدمع، انظر البيت في شرح الحماسة للتبريزي (٢/ ١٥١)، والإشارات والتنبيهات (١٢)، والإيضاح (٨).
(٣) الدر: اللبن. القاموس/ درر/ (٥٠٠).