إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [فاطر: ١٨]، المعنى على أنّ من لم تكن له هذه الخشية، فهو كأنه ليس له إذن تسمع وقلب يعقل، فالإنذار معه كلا إنذار.
ومثال ذلك من الشعر قوله: [من مجزوء الرمل]
أنا لم أرزق محبّتها، | إنّما للعبد ما رزقا «١» |
ومن ذلك قوله: [من البسيط] وإنّما يعذر العشّاق من عشقا «٢» يقول: إنه ليس ينبغي للعاشق أن يلوم من يلومه في عشقه، وأنه ينبغي أن لا ينكر ذلك منه، فإنه لا يعلم كنه البلوى في العشق، ولو كان ابتلي به لعرف ما هو فيه فعذره.
وقوله: [من الكامل]
ما أنت بالسّبب الضّعيف، وإنّما | نجح الأمور بقوّة الأسباب |
فاليوم حاجتنا إليك، وإنّما | يدعى الطّيب لساعة الأوصاب «٣» |
ويقول في الثاني: إنّا قد وضعنا الشيء في موضعه، وطلبنا الأمر من جهته، حين استعنّا بك فيما عرض من الحاجة، وعوّلنا على فضلك، كما أنّ من عوّل على الطبيب فيما يعرض له من السّقم، كان قد أصاب بالتعويل موضعه، وطلب الشيء من معدنه.
ثم إنّ العجب في أنّ هذا التعريض الذي ذكرت لك، لا يحصل من دون «إنما». فلو قلت: «يتذكر أولو الألباب»، لم يدلّ ما دلّ عليه في الآية، وإن كان الكلام لم يتغيّر في نفسه، وليس إلّا أنه ليس فيه «إنما».
(١) البيت بلا نسبة في الإيضاح (١٣٠)، وشرح المرشدي على عقود الجمان (١/ ١٤٥)، والمعنى:
أنه قد علم أن لا مطمع له في رحلها فيئس من أن يكون منها إسعاف به.
(٢) البيت في الإيضاح (١٣٠) بلا نسبة.
(٣) البيتان في الإيضاح بلا نسبة (١٣٠)، ويقول في البيت الأول: إنه ينبغي أن أنجح في أمري حين جعلتك السبب إليه، وفي الثاني: إنا قد طلبنا الأمر من جهته حيث استعنا بك فيما عرض لنا من الحاجة، وعولنا على فضلك، كما أن من عول على الطبيب فيما يعرض له من السقم كان قد أصاب في فعله.
أنه قد علم أن لا مطمع له في رحلها فيئس من أن يكون منها إسعاف به.
(٢) البيت في الإيضاح (١٣٠) بلا نسبة.
(٣) البيتان في الإيضاح بلا نسبة (١٣٠)، ويقول في البيت الأول: إنه ينبغي أن أنجح في أمري حين جعلتك السبب إليه، وفي الثاني: إنا قد طلبنا الأمر من جهته حيث استعنا بك فيما عرض لنا من الحاجة، وعولنا على فضلك، كما أن من عول على الطبيب فيما يعرض له من السقم كان قد أصاب في فعله.