وقالوا: إنّ الفرزدق لما سمع هذا البيت قال: [من الوافر]

إذا ما قلت قافية شرودا تنحّلها ابن حمراء العجان «١»
ومثل ذلك أنّ البعيث قال في هذه القصيدة: [من الطويل]
كليب لئام النّاس قد تعلمونه وأنت إذا عدّت كليب لئيمها
وقال البحتريّ: [من الطويل]
بنو هاشم في كل شرق ومغرب كرام بني الدّنيا وأنت كريمها
وحكى العسكريّ في «صنعة الشعر» «٢» أن ابن الرّوميّ قال: قال لي البحتري:
قول أبي نواس: [من الطويل]
ولم أدر من هم غير ما شهدت لهم بشرقيّ ساباط الدّيار البسابس «٣»
مأخوذ من قول أبي خراش الهذليّ: [من الطويل]
ولم أدر من ألقى عليه رداءه؟ سوى أنّه قد سلّ من ماجد محض
قال فقلت: قد اختلف المعنى! فقال: أما ترى حذو الكلام حذوا واحدا؟
وهذا الذي كتبت من جليّ الأخذ في «الحذو»، وممّا هو في حدّ الخفيّ قول البحتريّ: [من الطويل]
ولن ينقل الحسّاد مجدك بعد ما تمكّن رضوى واطمأن متالع «٤»
وقول أبي تمام: [من الكامل]
ولقد جهدتم أن تزيلوا عزّه فإذا أبان قد رسا ويلملم «٥»
قد احتذى كل واحد منهما على قول الفرزدق: [من الكامل]
(١) هو في ديوانه، والنقائض (١٢٥)، و «تنحّلها»: انتحلها، وابن حمراء العجان: يعني البعيث لأن أمه أعجمية غير عربية.
(٢) أبو هلال العسكري صاحب «الصناعتين»، كشف الظنون (٢/ ١٠٨٢).
(٣) هو في ديوانه ص (٨٣)، وساباط هو ساباط كسرى بالمدائن والبسابس: القفار. وفي رواية «ما هم» بدل «من هم»، وبه بدل لهم.
(٤) البيت في ديوانه، ورضوى ومتالع: جبلان.
(٥) البيت في ديوانه ص (٢٥٨) من قصيدة يمدح فيها مالك بن طوق حين عزل عن الجزيرة مطلعها:
أرض مصرّدة وأخرى تثجم تلك التي رزقت وأخرى تحرم
والمصرّدة: الممنوعة، وتثجم: تمطر. وأما «أبان» و «يلملم» فهما جبلان.


الصفحة التالية
Icon