لو أنني أوفي التّجارب حقّها وكذلك لم يصف ابن أبي فنن بنقاء العبارة، من أجل حروف.
أدميت باللّحظات وجنته واعلم أنك إذا سبرت أحوال هؤلاء الذين زعموا أنه إذا كان المعبّر عنه واحدا، والعبارة اثنتين، ثم كانت إحدى العبارتين أفصح من الأخرى وأحسن، فإنه ينبغي أن يكون السبب في كونها أفصح وأحسن، اللّفظ نفسه وجدتهم قد قالوا ذلك من حيث قاسوا الكلامين على الكلمتين، فلمّا رأوا أنّه إذا قيل في «الكلمتين» إن معناهما واحد، لم يكن بينهما تفاوت، ولم يكن للمعنى في إحداهما حال لا يكون له في الأخرى ظنّوا أن سبيل الكلامين هذا السبيل. ولقد غلطوا فأفحشوا، لأنه لا يتصوّر أن تكون صورة المعنى في أحد الكلامين أو البيتين، مثل صورة في الآخر البتّة، اللهم إلّا أن يعمد عامد إلى بيت فيضع مكان كل لفظة منه لفظة في معناها، ولا يعرض لنظمه وتأليفه، كمثل أن يقول في بيت حطيئة: [من البسيط]
دع المكارم لا ترحل لبغيتها | واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي |
ذر المفاخر لا تذهب لمطلبها | واجلس فإنّك أنت الآكل اللّابس «١» |
وجملة الأمر أنه كما لا تكون الفضّة أو الذهب خاتما أو سوارا أو غيرهما من