بعض الكلمات التي لا تطلق إلا في مدح الله عز وجل دون غيره
إن فقهنا لهذه المسألة يعطينا منزلة عالية عند ربنا إن عملنا بذلك الفقه، والمسلم كيس فطن يعرف أدب الخطاب، فهناك أدب لا يليق إلا مع الله جل وعلا، فمثلاً كلمة: سبحان! لا يمكن أن تطلق إلا على الله جل وعلا، فلا يقال لأحد من الخلق كائناً من كان: سبحانك، ولهذا نقل عن بعض الصالحين أنهم كانوا يقولون: فسبحان من لا يقال لغيره سبحانك وكلمة (تبارك) كذلك، هذا الفعل جامد لا يتصرف -أي: لا يأتي منه مضارع أو أمر- فهذه الكلمة لا تطلق على غير الرب تبارك وتعالى.
قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [الفرقان: ١]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ [الفرقان: ٦١] إلى غير ذلك من الآيات، فلا يقال لغير الله: (تبارك) أبداً، فهذا المقام ينصرف إلى الله جل وعلا وحده.
وكذلك النبي ﷺ له المنزلة العالية، والخطوة الرفيعة عند ربه، وثمة خطاب لا يليق إلا به صلوات الله وسلامه عليه لرفيع مقامه، وجلال مكانته، وأصحاب محمد ﷺ كانوا شامة في جبين الأيام، وتاجاً في مفرق الأعوام، فهؤلاء رضي الله عنهم وأرضاهم ثمة خطاب يليق بهم، فنترضى عليهم، ونذكر محاسنهم، ولا تخوض فيما جرى بينهم كل ذلك تأدباً معهم، وعلماء الأمة الذين قدموا للأمة البيان الحقيقي لشرع الله، وأفنوا أيامهم وأعمارهم في سبيل إيضاح المنهج الحق، فهؤلاء لهم خطاب يليق بهم، وكذلك ولي الأمر له خطاب يليق به لمكانته، قال صلى الله عليه وسلم: (من أهان السلطان أهانه الله).
كذلك الوالدان في المقام الأول: وهم مقدمون على كل أحد بعد حق الله ورسوله، فثمة خطاب لا يليق إلا بهما، فحقهما معروف، والوصية بهما ثابتة في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، والمؤمن الحق يعرف بأي خطاب يخاطب والديه، قال تعالى: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٤].
كل هذا -أيها الأخ المبارك- يبين لنا أن الخطاب المتأدب مهم جداً في تعاملنا مع الغير، دون أن يكون في ذلك انتقاص لأنفسنا أو لغيرنا.
وفقنا الله جل وعلا وإياكم لما يحب ويرضى، وألبسنا الله وإياكم لباسي العافية والتقوى، ورزقنا الله وإياكم الأدب معه ومع رسوله صلى الله عليه وسلم، ومع المؤمنين جميعاً.
وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.