معنى الإحصار عن الحج
المقدم: قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، ما المراد بالإحصار هنا؟ الشيخ: هذه الآية نزلت في الحديبية، ومعلوم أن النبي ﷺ أحرم في سنة ست يريد العمرة، فصدته قريش وهو في الحديبية، حتى وقع الصلح المشهور المعروف بصلح الحديبية.
فهذا إحصار بعدو، وبعضهم يقول إن الإحصار إما أن يكون بعدو وإما أن يكون بمرض، والأظهر والعلم عند الله أن الإحصار ليس مقيداً بشيء، فإن الحج والعمرة ما زالا قائمين إلى أن تقوم الساعة، وأنواع الإحصار وصد الناس عن البيت يختلف، فقد يكون الصد بعدو، وقد يكون الصد بمرض، قد يكون الصد بتعطل الدابة، أو بتعطل السيارة وبأشباه ذلك كعدم ظهور الجوازات، وقد تأتي حروب إقليمية أو حروب دولية تمنع الحاج وغير ذلك.
والمقصود أنا لا نستطيع أن نقيده بصورة واحدة، فنقول: كل من أهل بعمرة أو حج وأحرم بها ثم جاءه مانع من أن يصل إلى البيت فهو محصر، وهو لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون قد اشترط قبل ذلك، كما ثبت من تعليم النبي ﷺ لـ ضباعة بنت الزبير أن تقول: (لئن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني)، فهذا يخرج من الإحصار ولا شيء عليه.
أما من لم يكن قد اشترط فهذا هو الذي تخاطبه الآية: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦].
والهدي في الأصل كل ما تقرب به إلى الله جل وعلا من بهيمة الأنعام، وهنا قال الله جل وعلا: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ﴾ [البقرة: ١٩٦]، فينطبق على أقله وهو شاة واحدة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، يذبح في محل الإحصار؛ فدم المحصر يذبح في مكان الإحصار، وأما دم الواجب فيذبح لفقراء الحرم.