حكم حج التمتع وهديه على أهل مكة
Q في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، علام يعود اسم الإشارة (ذلك)؟
ﷺ صدر الآية ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ١٩٦]، الإشكال في (ذلك) هل هي عائدة إلى الأقرب وهو الهدي الواجب على من تمتع، أو هي عائدة على التمتع نفسه؟ فإن قلنا: عائدة على التمتع نفسه لزم أن نقول: ليس على أهل مكة تمتع، أو ليس لهم أن يتمتعوا، فالمعنى: (ذلك) أي التمتع ﴿لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦].
وإن قلنا: إن (ذلك) عائدة للأقرب وهو الهدي ﴿فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦] يصبح لهم أن يتمتعوا وليس عليهم هدي.
ويتصور من أهل مكة أن يتمتعوا، حيث يعتمر من الحل، فيكون قد خرج إلى الحل، ثم يرجع إلى بيته ويتحلل، ثم يحرم بالحج، وهنا تأتي للطيفة، فالذين قالوا: إن (ذلك) عائدة على الهدي قالوا: فلنأخذ المسألة بعقلية أكبر قليلاً فنقول: إنما فرض هدي التمتع على المتمتع لأنه وجد فسحة بالتحلل والرجوع إلى بيته بين الحج والعمرة، فأحرم وطاف وأهل بالعمرة، ثم تحلل من عمرته وعاد إلى أهله، ثم عاد في اليوم الثامن إلى مكة وأهل بالحج.
فهذه المدة الزمنية التي تمتع بها هي التي أوجبت في حقه الهدي، ويصبح الهدي دم جبران لهذا الأمر الذي حصل، لكن أهل مكة يختلفون عن هؤلاء في أنهم لم يستفيدوا شيئاً؛ لأنهم أصلاً في مكة، إلى أين سيعود حتى تقول هو استفاد؟ فالراجح أن (ذلك) يعود على الهدي، وأن أهل مكة يتمتعون دون هدي.