فضل ذبح الأضاحي
المقدم: نرجو الكلام على قول الله: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج: ٣٠].
الشيخ: الله تبارك وتعالى يبين تعظيم حرمات الله، وتعظيم حرمات الله القاعدة فيه: أن كل حرمة تعظم كما عظمها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن حرمات الله المشاعر المقدسة، وقد كان للقرشيين أهل الأوثان مواطن يذبحون فيها وأماكن يتعمدون الذبح فيها لأصنامهم، فلما شرعت الذبائح بين الله لهم أنه لا بد من الفرق بين ما اعتادوا في الجاهلية من الذبح للأصنام أو عند صنم كان يعظم، وأن العبادة لا بد أن تكون في مكان يعظم وفي نفس الوقت لا تكون لأوثانهم إنما تكون لرب العزة، كما قال ربنا: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: ٣٦] وهي آية في سورة الحج.
وقوله: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ [الحج: ٣٧] معناه أن العبرة بإخلاص القلب وإخلاص النية، لكن من تعظيم شعائر الله أن الإنسان يختار أغلاها ثمناً، فإن النبي ﷺ ضحى بكبشين أقرنين عليه الصلاة والسلام سمى الله وكبر على كل واحد منهما.
فمن تعظيم الحرمات أن يختار أكثرها لحماً وأغلاها ثمناً ولا يجادل في سعرها.
وقد أصبحت الأضحية عند الناس أشبه ما تكون بالعادة، فما هو المراد بالتعظيم؟
و ﷺ ليست القضية في لحم أو دم لكن لا بد أن يختلط هذا بنية قلبية يراد بها أنني أفعل هذا إجلالاً لله.
والدليل أننا لو نفرض أن صالحاً أو فهداً لهم ذبائح ذبحوها قبل صلاة الفجر من يوم العيد وهي في ثلاجات، فأهلي وأهلك في غنى عن اللحم، ومع ذلك فالسنة العظيمة في حقنا -إن لم نقل: بوجوب الأضحية- أن نضحي؛ لأنه ليس المقصود منها أن أبنائي جائعون أريد أن أطعمهم، إنما المقصود إهراق الدم إجلالاً لله، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (من ذبح قبل الصلاة فهي شاة لحم).
والله جل وعلا نهى عن التبذير والإسراف، ولو كانت القضية قضية إطعام لا حاجة لأن نقول لرجل ذبح قبل الصلاة بساعة واحدة: اذبح بعد الصلاة، لأن هذا تبذير.
وأنت تلحظ أن النبي ﷺ كان هناك أمور لا يباشرها بنفسه فكان يجعل واحداً يصب عليه الوضوء وأمثال ذلك، لكننا نلحظه في يوم النحر يباشر ذبح أضحيته بنفسه.
ولهذا يذبح الإنسان أضحيته بنفسه، وإن كان لا يحسن الذبح يقف عليها، هذا أقرب إلى الله من شخص يحرر مستندات وأوراق ثم يبعث بها ويقول: هناك محتاجون، ونحن لا نقول: لا تعط المحتاجين لكن هؤلاء المحتاجون يعطون من الصدقات العامة، فعندك عام كامل يمكن أن تبعث إليهم في أي وقت، أما أن تخصه بيوم النحر فلا، بل يوم النحر تذبح أضحية يراها أبناؤك فيحيون وينشئون على ملة إبراهيم.


الصفحة التالية
Icon