حكم مس المصحف وحضور دروس العلم والمكث في المسجد والطواف وغير ذلك للحائض
Q هناك بعض الأخوات الحيض تأتي إلى دروس العلم وتحفظ القرآن وتمس المصحف، وتحضر في المسجد، هل هذا يجوز؟
ﷺ أولاً: لا يجوز للمرأة الحائض أن تمس المصحف.
هذا رأي جمهور العلماء، ومن قال بخلاف ذلك آراء ضعيفة، ورأي الجمهور والمذاهب الأربعة وأدلتهم قوية.
ثانياً: لا يجوز للمرأة أن تمكث في المسجد، يقولون: إن الأدلة على ذلك أحاديث ضعيفة.
أقول: روى البخاري في صحيحه في كتاب الحيض: أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أرجل شعر النبي ﷺ -يعني: تغسله- وأنا في حجرتي وهو معتكف)، ما يمنعها من الخروج إلى المسجد إلا الحيض، يقول العلامة ابن حجر: فانظر إلى فعلها أنها كانت تغسل رأس رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي في الحجرة، والذي يمنعها من دخول المسجد أنها حائض.
ثالثاً: أن النبي ﷺ قال لها: (يا عائشة! ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: إني حائض، قال: ليست حيضتك بيدك) والخمرة: الحصيرة، فقول عائشة: إني حائض، يدل على أنها تعلم ابتداء أن الحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد، فلو كان يجوز للحائض أن تدخل المسجد لما قالت: إني حائض حينما قال لها: ناوليني الخمرة من المسجد، فبين لها أنها ستدخل ليس على سبيل المكث والاستقرار، وإنما كعابر سبيل.
ولا يجوز للمرأة الحائض أن تمس المصحف، لكن يجوز لها أن تقرأ القرآن دون مس وهذا هو الراجح.
ويجوز لها أن تذكر الله وتنام بجواز زوجها، وتقف على عرفة وتبيت بالمزدلفة وترمي الجمرات وتكبر وتهلل وتسبح وتأكل الطعام مع زوجها؛ لأن اليهود كانوا يعزلون المرأة إذا حاضت.
أبدع البخاري في كتاب الحيض حينما بين هذا، فـ عائشة تقول: (كان النبي ﷺ ينام في حجري وأنا حائض)، كذلك أم سلمة كانت تنام بجواره وهي حائض، فلا يجوز أبداً أن نترك هذه النصوص، يقول صاحب العدة: ويمتنع على المرأة إذا حاضت عشرة أشياء مرجوحة، فيها أشياء قوية: الطواف بالبيت، لا يجوز لها أن تطوف في البيت؛ لحديث أمنا عائشة لما جاءها النبي ﷺ في حجة الوداع في ذي الحليفة (وجد عائشة تبكي.
قال: مالك يا عائشة! أحضتِ؟)، وفي رواية: (أنفستِ؟) فالحيض يسمى نفاساً، (قالت: نعم يا رسول الله! قال: افعلي كل ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت).
إذاً: أباح لها الذكر، فلما أدت الحج بكت، وقالت: (يا رسول الله! يرجع صويحباتي بحج وعمرة وأنا أرجع بحج فقط)، فالذي منعها من العمرة الحيض؛ لأن العمرة الطواف والسعي، (فأمر النبي ﷺ عبد الرحمن أخاها أن يردفها إلى التنعيم)، ولم يحرم عبد الرحمن من التنعيم، إنما أخته عائشة هي التي أحرمت من التنعيم، فلو كان التنعيم يجوز لغير أصحاب الأعذار لأحرم الصحابة منه، فقد كانوا أحرص الناس على الخير.
إذاً: هذا يعلمنا أن عمرة التنعيم لأهل الأعذار من النساء الحيض.