تفسير قوله تعالى: (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه)
قال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ﴾ [القيامة: ٣]، أي: أيظن أننا لا نقدر على أن نبعثه بعد الموت، وأن نجمع تلك العظام المبعثرة النخرة المشتتة؟ ثم قال تعالى: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] وهذه نعمة عظيمة، فانظر إلى خف الجمل كيف حاله؟ تجد أنه مستطيل طبقة واحدة، فهب لو أن الأصابع هذه ملتصقة ببعضها، وليس هناك أصابع منفصلة عن بعضها، وأن يدك كالحافر أو كالخف تماماً، كيف تستطيع أن تأكل؟ هل تأكل بفمك لا بأصابعك؟ وكيف تستطيع أن تكتب؟ لا تستطيع إذا كانت اليد قطعة واحدة، فيوم أن تلتصق اليد ببعضها وتصبح كحافر البعير يعجز الإنسان عن الطعام، والكتابة وغير ذلك، لكن من الذي فرق هذه الأصابع، وجعله يكتب، ويأكل بها، وتخيل قبح منظره حينما يأكل بفمه مباشرة دون أن يستخدم اليد.
فقوله تعالى: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ [القيامة: ٤] المعنى: أن الأصابع التي خلقها الله مختلفة البنان، والله قادر على أن يلصق بعضها ببعض فتصبح كخف البعير، ولكن الله سواها، وأحسن خلقته، قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: ٦ - ٨].