عندنا خلاف الكتاب والسنة لأن الله تبارك وتعالى إنما أذن فى نكاح المحصنات خاصة، ثم أنزل في القاذف لامرأته آية اللعان، وسنّ رسول الله- صلّى الله عليه- التفريق بينهما فلا يجتمعان أبدا، فكيف يأمره بالإقامة على عاهرة لا تمتنع ممن أرادها وفي حكمه أن يلاعن بينهما ولا يقره معها قاذفا على حاله؟. هذا لا وجه له عندنا. ومن الحجة في هذا أيضا:
١٩٠ - قول النبى- صلّى الله عليه وسلم- إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها، ثم قال في الثالثة أو الرابعة: فليبعها ولو بضفير (١)، فكيف يكره أن توطأ الأمة الفاجرة ويرخّص في الإقامة على الزوجة الحرة وهى فاجرة، والذي أحمل عليه وجه الحديث أنه ليس يثبت عن النبي- صلّى الله عليه- إنما يحدثه هارون بن رئاب (٢)، عن عبد الله بن عتبة (٣) ويحدثه عبد الكريم الجزري عن أبي الزبير (٤) كلاهما يرسله،

إلى أن قال: ثم لا دلالة في الحديث على جواز نكاح الزانية ابتداء ضرورة أن البقاء أسهل من الابتداء على أن الحديث محتمل كما تقدم، وقيل هذا الحديث موضوع، وردّ بأنه حسن صحيح ورجال سنده رجال الصحيحين، فلا يلتفت إلى قول من حكم عليه، بالوضع والله تعالى أعلم.
انظر: (سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي ج ٦، كتاب النكاح «باب تزويج الزانية» ص ٦٧).
(١) رواه مسلم في صحيحه قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي حدثنا مالك وحدثنا يحيى ابن يحيى واللفظ له قال: قرأت على مالك بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة: أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال: إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير، قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة، وقال القعنبى في روايته: قال ابن شهاب: والضفير الحبل- صحيح مسلم ج ٣، كتاب الحدود «باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى» ص ١٣٢٩ تحقيق عبد الباقي.
وروى نحوه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع «باب بيع العبد الزاني» ج ٣ ص ٢٦.
وروى نحوه الإمام أحمد: المسند ج ٢ ص ٢٤٩.
(٢) هارون بن رئاب: (بكسر الراء التحتانية مهموز ثم موحدة) التميمي، أبو بكر أبو الحسن، ثقة عابد، من السادسة (التقريب ٢/ ٣١١).
(٣) قلت: لم يرد ذكر لعبد الله بن عتبة عند من خرّج حديث المرأة التي لا تمنع يد لا مس بل روى الحديث الشافعي في الأم من طريق سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، وكذا النسائي والبيهقي كلاهما ذكر في السند عبد الله بن عبيد بن عمير وليس لعبد الله بن عتبة فى أحاديثهم ذكر، أضف إلى ذلك أن هارون بن رئاب لم يرو عن عبد الله بن عتبة إنما عن عبد الله ابن عبيد بن عمير. وعلى هذا يكون ذكر اسم عبد الله بن عتبة بدل عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي من قبيل الوهم وسبق القلم.
(٤) أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس (بفتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء)


الصفحة التالية
Icon