المدينة فحكم في سائرهم بالفداء والمنّ، ثم كان يوم الخندق إذ سارت إليه الأحزاب فقاتلهم حتى صرفهم الله عز وجل عنه وخرج إلى بني قريظة لممالأتهم لأنهم كانت للأحزاب، فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ (١) فحكم فيهم فقتل المقاتلة وسبى الذرية فصوّب رسول الله- صلّى الله عليه- رأيه وأمضى فيهم حكمه ومنّ على الزبير بن باطا (٢) من بينهم لتكليم ثابت بن قيس بن شمّاس (٣) إياه فيه حتى كان الزبير هو المختار لنفسه القتل ثم كانت غزاة المريسيع (٤) وهي التي سبى فيها بني المصطلق رهط جويرية بنت الحارث (٥) من خزاعة فاستحياهم جميعا وأعتقهم فلم يقتل أحدا منهم علمناه ثم كانت خيبر فافتتح حصون الشق ونطاة عنوة بلا عهد فمنّ عليهم ولا نعلمه قتل أحدا منهم صبرا بعد فتحها ثم سار إلى بقية حصون خيبر الكثيبة والوطيحة وسلالم فأخذها أو أخذ بعضها صلحا على أن لا يكتمه آل أبي الحقيق شيئا من أموالهم فنكثوا العهد

(١) سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأشهلي، أبو عمرو، سيد الأوس، شهد بدرا، واستشهد من سهم أصابه بالخندق ومناقبه كثيرة (التقريب ١/ ٢٨٩).
(٢) الزبير بن باطا: القرظي، يكنّى أبا عبد الرحمن، كان قد منّ على ثابت بن قيس بن شمّاس في الجاهلية، فجازاه بأن طلب ثابت من النبي- صلّى الله عليه وسلم- أن يهب له دمه فقال النبى- صلّى الله عليه وسلم-: هو لك ثم اختار لنفسه القتل فقتل. سيرة ابن هشام ج ٣ ص ٢٥٣ تحقيق مصطفى السقا، إبراهيم الأبياري، عبد الحفيظ شلبي.
(٣) ثابت بن قيس بن شمّاس: أنصاري خزرجي، خطيب الأنصار، من كبار الصحابة بشره النبي- صلّى الله عليه وسلم- بالجنة واستشهد باليمامة (التقريب ١/ ١١٧).
(٤) المريسيع: بالضم ثم الفتح وياء ساكنة ثم سين مهملة مكسورة وياء أخرى وآخره عين مهملة، هو اسم ماء في ناحية قديد إلى الساحل، سار النبي- صلّى الله عليه وسلم- سنة خمس أو ست إلى بني المصطلق لما بلغه أن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي قد جمع له جمعا، فوجدهم علي ماء يقال له المريسيع فقاتلهم وسباهم (معجم البلدان ٥/ ١١٨).
(٥) جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية، من بني المصطلق، أم المؤمنين كان اسمها برّة فغيرها النبي- صلّى الله عليه وسلم- وسباها في غزوة المريسيع ثم تزوجها وماتت سنة خمسين على الصحيح.
(التقريب ٢/ ٥٩٣).


الصفحة التالية
Icon