سباها سلمة بن الأكوع برجلين من المسلمين كانا أسيرين بمكة قبل الفتح في أشياء كثيرة يطول بها الكتاب لم يزل- صلّى الله عليه- قبل عاملا بها على ما أراه (١) الله عز وجل من الأحكام التي أباحها له في الأسارى وجعل الخيار والنظر فيها إليه حتى قبضه الله عز وجل على ذلك- صلّى الله عليه- ثم قام بعده أبو بكر- رضي الله عنه- فسار في أهل الرّدة بسيرته من القتل والمنّ، فأما الفداء فلم يحتج إليه أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- لأن الله عز وجل أظهر الإسلام على الردّة حتى عاد أهلها مسلمين بالطّوع والكره إلا من أباده القتل، فكان ممن استحياه أبو بكر- رضي الله عنه- عيينة بن حصن الفزاري (٢) وقرة ابن هبيرة القشيري (٣) وكان قدم بهما عليه خالد بن الوليد (٤) موثقين فمنّ عليهما وأطلقهما، وكذلك الأشعث بن قيس (٥) بعث به إليه زياد بن لبيد الأنصاري (٦) موثقا، وقد نزل على حكم أبي بكر- رضي الله عنه- فخلّى
(٢) عيينة بن حصن الفزاري: هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو، أبو مالك الفزاري، له صحبة، وكان من المؤلفة، أسلم قبل الفتح وشهدها وشهد حنينا والطائف، ثم ارتدّ في عهد أبي بكر ثم عاد إلى الإسلام وكان فيه جفاء سكان البوادي.
(الإصابة ٣/ ٥٤).
(٣) قرة بن هبيرة بن عامر بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربيعة العامري ثم القشيري قال البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وابن السكن وابن مندة: له صحبة وهو أحد الوجوه من الوفود، قد ارتد مع من ارتد من بنى قشير فاعتذر لأبي بكر بأنه كان له مال وولد فخاف عليهم ولم يرتد فى الباطن فأطلقه.
(الإصابة ٣/ ٢٣٥).
(٤) خالد بن الوليد: ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي، سيف الله، يكنّى أبا سليمان، من كبار الصحابة، وكان إسلامه بين الحديبية والفتح وكان أميرا على قتال أهل الردة وغيرها من الفتوح إلى أن مات سنة إحدى أو اثنتين وعشرين (التقريب ١/ ٢١٩).
(٥) الأشعث بن قيس: ابن معديكرب الكندي، أبو محمد الصحابي، نزل الكوفة مات سنة أربعين أو إحدى وأربعين، وهو ابن ثلاث وستين (التقريب ١/ ٨٠).
(٦) زياد بن لبيد بن ثعلبة الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الله، صحابي شهد بدرا، وكان عاملا على حضرموت لما مات النبي- صلّى الله عليه وسلم- وكان له بلاء حسن في قتال أهل الردة، مات سنة إحدى وأربعين.
(التقريب ١/ ٢٧٠).