يتحينون وقت الصلاة، فإذا حضرت أتوها، فمنهم من يدرك وكثير منهم لا يدرك، فشق ذلك على رسول الله- صلّى الله عليه- وقال: لقد هممت أن آمر رجالا عند وقت الصلاة أن يأتوا الناس في دورهم، فيؤذنونهم بالصلاة، ولقد هممت أن آمر رجالا عند وقت الصلاة أن يقوموا على الآطام (١)، فيؤذنوا الناس بصلاتهم، فانصرف رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- مهموما، وانصرفنا مهمومين بهمه، وإن عبد الله بن زيد (٢) رأى رؤيا فأتى النبي- صلّى الله عليه- فقال: يا رسول الله إني رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران قام على جدار المسجد فافتتح الأذان فثنّاه حتى فرغ منه، ثم جلس جلسة، ثم قام ففعل مثل ذلك، إلا أنه قال في آخر ذلك: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فقال رسول الله- صلّى الله عليه-: «رأيت خيرا علّمهن بلالا (٣) فليكن هو الذي ينادي بهن»، قال وكنا نأتي الصلاة فإذا جاء الرجل وقد سبق بشيء من الصلاة أشار إليه من مر به: سبقت بكذا فكنا بين قائم وقاعد وراكع وساجد، فجئت وقد سبقت بشيء من الصلاة فأشار إلىّ بعض من مررت به: سبقت بكذا وكذا فقلت:
لا أجده على حال من الصلاة إلا دخلت معه وكنت معه فيها، فلما سلم رسول الله- صلّى الله عليه- قمت أقضي ما سبقني به فاستقبل الناس بوجهه فقال: من المتكلم آنفا، فقالوا: معاذ، فقال: إن معاذا قد سنّ لكم فاقتدوا، ثم قال رسول الله

(١) الآطام: جمع أطم- بضم الطاء وسكونها- وهو القصر وكل حصن بني بحجارة وكل بيت مربع مسطح.
(القاموس ٤/ ٧٥).
(٢) عبد الله بن زيد: ابن عبد ربه بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، أبو محمد المدني، أري الأذان، صحابي مشهور، مات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل استشهد بأحد.
(التقريب ١/ ٤١٧).
(٣) بلال بن رباح- بفتح الراء والباء المخففة- المؤذن، وهو ابن حمامة وهي أمه، أبو عبد الله، مولى أبي بكر، من السابقين الأولين، شهد بدرا والمشاهد، مات بالشام سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة، وله بضع وستون سنة.
(التقريب ١/ ١١٠).


الصفحة التالية
Icon