ثم قال سلمة بن الأكوع (١)، وعبد الرحمن بن أبي ليلي وعلقمة بن قيس وابن شهاب وقد ذكرنا أحاديثهم، فتفرق الناس في ناسخ هذه الآية ومنسوخها على أربعة منازل في كل واحدة منهن حكم سوى الحكم الآخر. فالفرقة الأولى منهم:
فرضهم الصيام ولا يجزئهم غيره، والثانية: مخيّرون بين الصيام والإفطار ثم عليهم القضاء بعد ذلك ولا إطعام عليهم، والثالثة: هم الذين لهم الرخصة في الإطعام ولا قضاء عليهم، والرابعة: هي التي اختلفت العلماء فيهم بين القضاء والإطعام.
وبكل ذلك قد جاء تأويل القرآن وأفتت به الفقهاء، وهو يأتي مفسرا إن شاء الله:
فأمّا الطائفة الأولى: الذين فرض الله عليهم الصيام ولم يقبل منهم غيره، فالأصحاء المقيمون، لزمهم ذلك بالآية المحكمة وهي قوله عز وجل: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ.
وأما الثانية: فالمسافرون والمرضى، وهم الذين لهم الخيار بين الصوم والإفطار، لقوله: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وبه جاءت السنة والآثار أيضا مع التنزيل.
٧٢ - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد (٢) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال:
يا رسول الله إني أصوم- يعني أسرد الصوم- أفأصوم في السفر؟ فقال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر (٣).
(التقريب ١/ ٣١٨).
(٢) هو يحيى بن سعيد القطان.
(٣) رواه البخاري في صحيحه ج ٢، كتاب الصوم «باب الصوم في السفر والإفطار» ص ٢٣٧.
ورواه مسلم في صحيحه ج ٢، كتاب الصوم «باب التخيير في الصوم والفطر في السفر» ص ٧٨٩ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.