صومكم في السفر يقول: فقد يكون الإفطار في السفر برا أيضا، فإذا كان المسافر مطيقا للصيام غير مشقوق عليه فيه فالصيام والإفطار مباحان له على ما ذكرنا من الأحاديث المتقدمة عن النبى- صلّى الله عليه- وصحابته، فإذا [أقام] (١) المسافر وصح المريض فالأداء (٢) عليهما: القضاء، ليس لهما غيره من الطعام ولا سواه لقوله في محكم الآية فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فهذه حال الطائفة الثانية. وأما الثالثة: فالشيوخ والعجز (٣) الذين قد حيل بينهم وبين الصيام هرما (٤) وكبرا ولا يرجى لهما قوة تئوب إليهم، فيقضوه صوما، فهم الذين قال العلماء فيهم: إن الآية التي في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قد صارت محكمة لهم ومنسوخة لغيرهم، وهذا الذي رآه ابن شهاب بقوله: وبقيت الفدية للكبير الذي لا يطيق الصيام والذي يعرض له العطش (٥).
قال: أبو عبيد: وقد تتابعت به الآثار على هذا التأويل أيضا.
٨٩ - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق (٦) عن عبد الملك بن أبي (٧) سليمان عن عطاء (٨) وسعيد بن
(مختار الصحاح للرازي ص ٥٥٧، القاموس المحيط للفيروزآبادى ٤/ ١٦٨).
(٢) العبارة هنا سليمة المبنى إذ مراده: أن المسافر إذا أقام والمريض إذا صح وكانا قد أفطرا فالواجب الذي عليهما أداؤه، قضاء ما أفطروا من رمضان ليس عليهما إطعام.
(٣) العجز: جمع عجوز وعجوزة وهي المرأة المسنة وتجمع على عجائز.
(النهاية ٣/ ١٨٦).
(٤) هرما: الهرم الكبر، وقد هرم يهرم فهو هرم.
(النهاية ٥/ ٢٦١).
(٥) مر تخريجه الأثر (٦٦).
(٦) إسحاق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي المعروف بالأزرق، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين وله ثمان وسبعون.
(التقريب ١/ ٦٣).
(٧) كلمة «أبى» ساقطة من السند وقد علقها الناسخ في هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها.
(٨) هو عطاء بن أبي رباح.