﴿كل﴾ من الرسول والمؤمنين. واختلف في تنوين كل فقيل تنوين عوض من المضاف إليه وقيل: تنوين التمكين قال الشيخ خالد الوقاد: وهو الأصح ﴿آمن با وملائكته﴾ وقرأ ﴿وكتبه﴾ حمزة والكسائي بكسر الكاف وفتح التاء وألف بعدها على التوحيد على أنّ المراد به الجنس، والباقون بضم الكاف والتاء على الجمع ﴿ورسله﴾ يقولون ﴿لا نفرّق بين أحد﴾ أي: جمع ﴿من رسله﴾ فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعل اليهود والنصارى، فأحد: اسم لمن يصلح أن يخاطب يستوي فيه الواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث فحيث أضيف بين إليه أو أعيد ضمير جمع إليه أو نحو ذلك، فالمراد به جمع من الجنس الذي يدلّ الكلام عليه، ويجوز أن يقدر القول مفرداً باعتبار كل وإنما احتيج إلى التقدير لأجل قوله تعالى: ﴿لا نفرق﴾ ولو قال تعالى: لا يفرقون لم يحتج إلى ذلك ﴿وقالوا سمعنا﴾ أي: أمرنا به سماع قبول ﴿وأطعنا﴾ أمرك نسألك ﴿غفرانك ربنا وإليك المصير﴾ أي: المرجع بعد الموت وهو إقرار منهم بالبعث.
روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: لما أنزل الله على رسوله ﷺ ﴿ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله﴾ الآية قال: فاشتدّ على أصحاب رسول الله ﷺ فأتوا رسول الله ﷺ ثم بركوا على الركب وقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها قال رسول الله ﷺ «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير». فلما قرأها القوم وذلت ألسنتهم أنزل الله تعالى في أثرها: ﴿آمن الرسول﴾ الآية، فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى بقوله تعالى:
﴿لا يكلف الله نفساً إلا وسعها﴾ أي: ما تسعه قدرتها وإن شق فضلاً ورحمة ﴿لها ما كسبت﴾ من الخير أي: ثوابه ﴿وعليها ما اكتسبت﴾ من الشر أي: وزره فلا ينتفع بطاعتها غيرها ولا يؤاخذ أحد بذنب أحد ولا بما لم يكتسبه مما وسوست به نفسه كما يفيده تقديم الخبر وهو لها وعليها من الحصر، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ «إنّ الله تجاوز عن أمّتي ما وسوست به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به».
فإن قيل: لم خص الخير بالكسب والشرّ بالإكتساب؟ أجيب: بأنّ في الإكتساب اعتمالاً أي: اضطراباً في العمل مبالغة واجتهاداً، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس وهي منجذبة إليه وأمارة به كانت أشدّ حباً واجتهاداً في تحصيله وأعملت فجعلت لذلك مكتسبة فيه ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال قولوا ﴿ربنا لا تؤاخذنا﴾ أي: لا تعاقبنا ﴿إن نسينا أو أخطأنا﴾ أي: بما أدّى بنا إلى النسيان أو الخطأ من تفريط وقلة مبالاة؛ لأنّ المؤاخذة إنما هي بالمقدور والنسيان والخطأ ليس بمقدورين ويجوز أن يراد نفس النسيان والخطأ أي: لا تؤاخذنا بهما كما آخذت به من قبلنا، قال الكلبي: كان بنو إسرائيل إذا نسوا شيئاً مما أمروا به أو أخطؤوا عجلت لهم العقوبة، فحرم عليهم شيء من مطعم أو مشرب على حسب ذلك الذنب، فأمر الله المؤمنين أن يسألوه ترك مؤاخذتهم بذلك وقد قال رسول الله ﷺ «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
كقرصة النقاء ليس فيها علم لأحد» أخرجاه في الصحيحين، العفراء بالعين المهملة، وهي البيضاء إلى حمرة، ولهذا شبهها بقرصة النقاء، وهو الجير الأبيض الجيد الفائق المائل إلى الحمرة. كأن النار ميلت بياض وجهه إلى الحمرة، وقوله: ليس فيها علم لأحد يعني: ليس فيها علامة لأحد لتبديل هيئتها وصفتها وزوال جبالها وجميع بنائها، فلا يبقى فيها أثر يستدلّ به. وعن ابن مسعود أنه قال: تبدل الأرض بأرض كالفضة البيضاء نقية لم يسفك فيها دم، ولم تعمل عليها خطيئة. وقال عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه: الأرض من فضة والسماء من ذهب. وقال محمد بن كعب وسعيد بن جبير: تبدل الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه. وعن الضحاك أيضاً: من فضة كالصحائف. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سألت رسول الله ﷺ عن هذه الآية فأين يكون الناس يومئذٍ يا رسول الله؟ فقال: «على الصراط». أخرجه مسلم. وروى ثوبان أنّ حبراً من اليهود سأل رسول الله ﷺ أين تكون الناس يوم تبدّل الأرض غير الأرض؟ قال: «هم في الظلمة دون الجسر». قال الرازي: واعلم أنه لا يبعد أن يقال: المراد من تبديل الأرض والسموات هو أنه تعالى يجعل الأرض
جهنم والسموات الجنة، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿كلا إنّ كتاب الأبرار لفي عليين﴾ (المصطففين، ١٨)
. وقوله تعالى: ﴿كلا إنّ كتاب الفجار لفي سجين﴾ (المصطففين، ٧)
. ﴿وبرزوا﴾، أي: خرجوا من قبورهم ﴿لله﴾، أي: لحكمه والوقوف بين يديه تعالى للحساب ﴿الواحد﴾، أي: الذي لا شريك له ﴿القهار﴾، أي: الذي لا يدافعه شيء عن مراده كما قال تعالى: ﴿لمن الملك اليوم لله الواحد القهار﴾ (غافر، ١٦)
. ولما وصف نفسه سبحانه وتعالى بكونه قهاراً بين عجزهم وذلتهم بقوله تعالى:
﴿وترى﴾ يا محمد، أي: تبصر ﴿المجرمين﴾، أي: الكافرين ﴿يومئذٍ﴾، أي: يوم القيامة، ثم ذكر تعالى من صفات عجزهم وذلتهم أموراً: الصفة الأولى: قوله تعالى: ﴿مقرّنين﴾، أي: مشدودين ﴿في الأصفاد﴾ جمع صفد وهو القيد. قال الكلبي: كل كافر مع شيطان في غل. وقال عطاء: وهو معنى قوله تعالى: ﴿وإذا النفوس زوجت﴾ (التكوير، ٧)، أي: قرنت فتقرن نفوس المؤمنين الحور العين، ونفوس الكافرين بقرنائهم من الشياطين، وقيل: هو قرن بعض، الكفار ببعض فتضم تلك النفوس الشقية والأرواح الكدرة الظلمانية بعضها إلى بعض لكونها متشاكلة متجانسة، وتنادى ظلمة كل واحدة منها إلى الأخرى. وقال ابن زيد: قرنت أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأغلال.
الصفة الثانية: قوله تعالى: ﴿سرابيلهم﴾، أي: قمصهم جمع سربال وهو القميص ﴿من قطران﴾ وهو شيء يتحالب من شجر يسمى الأبهل، فيطبخ وتطلى به الإبل الجربى، فيحرق الجرب بحرارته وحدته، وقد تصل حرارته إلى داخل الجوف، ومن شأنه أنه يتسارع فيه اشتعال النار، وهو أسود اللون منتن الريح، فتطلى به جلود أهل النار حتى يصير ذلك الطلاء كالسرابيل، فيحصل بسببها أربعة أنواع من العذاب: لذع القطران، وحرقته، وإسراع النار في جلودهم، واللون الوحش، ونتن الريح، وأيضاً التفاوت بين قطران القيامة وقطران الدنيا كالتفاوت بين النارين.
الصفة الثالثة قوله تعالى: ﴿وتغشى﴾، أي: تعلو ﴿وجوههم النار﴾ ونظيره قوله تعالى: ﴿أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب﴾ (الزمر، ٢٤)
. وقوله تعالى: ﴿يوم يسحبون في النار على وجوههم﴾ (القمر، ٤٨)
. ولما كان موضع العلم والجهل هو القلب، وموضع الكفر والوهم هو
فقال ﴿لصوت الحمير﴾ أي: هذا الجنس لما له من العلو المفرط من غير حاجة فإنّ كل حيوان قد يفهم من صوته أنه يصيح من ثقل أو تعب كالبعير أو لغير ذلك، والحمار لو مات تحت الحمل لا يصيح ولو قتل لا يصيح وفي بعض أوقات عدم الحاجة يصيح وينهق بصوت أوّله زفير وآخره شهيق وهما فعل أهل النار، وأفرد الصوت ليكون نصاً على إرادة الجنس لئلا يظن أنّ الاجتماع شرط في ذلك، ولذكر الحمار مع ذلك من بلاغة الشتم والذم ما ليس لغيره ولذلك يستهجن التصريح باسمه بل يكنون عنه ويرغبون عن التصريح به فيقولون الطويل الأذنين كما يكنى عن الأشياء المستقذرة وقد عد في مساوئ الأداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من ذوي المروءة من العرب من لا يركب الحمار استنكافاً، وإن بلغت منه الرحلة، وإنما ركبه ﷺ لمخالفته عادتهم وإظهاره التواضع من
نفسه، وأمّا الرفع مع الحاجة فغير مذموم فإنه ليس بمستنكر ولا مستبشع.
فإن قيل كيف يفهم كونه أنكر الأصوات مع أن حز المنشار بالمبرد ودق النحاس بالحديد أشد صوتاً؟ أجيب: من وجهين: الأوّل: المراد أنكر أصوات الحيوانات صوت الحمير فلا يرد السؤال، والثاني: أن الصوت الشديد لحاجة ومصلحة لا يستبشع ولا ينكر صوته كما مرت الإشارة إليه، بخلاف صوت الحمير، قال موسى بن أعين سمعت سفيان الثوري يقول في قوله تعالى ﴿إن أنكر الأصوات لصوت الحمير﴾ قال: صياح كل شيء تسبيح لله تعالى إلا الحمار، وقال جعفر الصادق في ذلك: هي العطسة القبيحة المنكرة، وقال وهب: تكلم لقمان باثني عشر ألف كلمة من الحكمة أدخلها الناس في كلامهم.
قال خالد الربعي: كان لقمان عبداً ومن حكمته أنه دفع إليه مولاه شاة فقال له: اذبحها وائتني بأطيب مضغتين فيها فأتاه باللسان والقلب ثم دفع إليه شاة أخرى فقال اذبحها وائتني بأخبث مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب فسأله مولاه فقال: ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا وقد مرت الإشارة إلى ذلك.
ومن حكمته أنه قال لابنه: يا بني لا ينزلن بك أمر رضيته أو كرهته إلا جعلت في الضمير منك إن ذلك خير لك، ثم قال لابنه: يا بني إن الله قد بعث نبياً هلم حتى نأتيه فنصدقه فخرج على حمار وابنه على حمار وتزودا، ثم سارا أياماً وليالي حتى لقيتهما مفازة فأخذا أهبتها لها فدخلا فسارا ما شاء الله تعالى حتى ظهرا وقد تعالى النهار، واشتد الحر، ونفد الماء والزاد، واستبطأ حماريهما فنزلا وجعلا يشتدان على سوقهما فبينما هما كذلك إذ نظر لقمان أمامه فإذا هو بسواد ودخان فقال في نفسه: السواد الشجر والدخان العمران والناس، فبينما هما يشتدان إذ وطئ ابن لقمان على عظم ناتئ على الطريق فخر مغشياً عليه فوثب إليه لقمان وضمه إلى صدره واستخرج العظم بأسنانه ثم نظر إليه لقمان فذرفت عيناه فقال: يا أبت أنت تبكي وأنت تقول هذا خير لي وقد نفد الطعام والماء وبقيت أنا وأنت في هذا المكان فإن ذهبت وتركتني على حالي ذهبت بهم وغم ما بقيت، وإن أقمت معي متنا جميعاً، فقال: يا بني أمّا بكائي فرقة الوالدين، وأمّا ما قلت كيف يكون هذا خيراً فلعل ما صرف عنك، أعظم مما ابتليت به ولعل ما ابتليت به أيسر مما صرف عنك، ثم نظر لقمان أمامه فلم ير ذلك الدخان والسواد وإذا بشخص أقبل على فرس أبلق عليه ثياب بياض وعمامة بيضاء يمسح الهواء مسحاً فلم
لف ونشر مرتب ﴿البطون﴾ أي: يضطركم إلى تناول هذا الكريه حتى تملؤا بطونكم منه.
ثم لما بين أكلهم أتبعه مشربهم فقال تعالى: ﴿فشاربون عليه﴾ أي: الأكل أو الزقوم ﴿من الحميم﴾ لأجل مرارته وحرارته يحتاجون إلى شرب الماء فيشربون من الماء الحار ﴿فشاربون﴾ أي: منه ﴿شرب الهيم﴾ أي: الإبل العطاش وهو جمع هيمان للذكر وهيمى للأنثى كعطشان وعطشى، والهيام: داء معطش تشرب الإبل منه إلى أن تموت أو تسقم سقماً شديداً؛ وقيل: إنه جمع هائم وهائمة من الهيام أيضاً إلا أن جمع فاعل وفاعلة على فعل قليل نحو نازل ونزل وعائد وعود؛ وقيل: إنه جمع هيام بفتح الهاء وهو الرمل غير المتماسك الذي لا يروى من الماء أصلاً فيكون مثل سحاب وسحب بضمتين ثم خفف بإسكان عينه ثم كسرت فاؤه لتصح الباء كما فعل بالذي قبله، والمعنى: أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرّهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل فإذا ملؤوا منه البطون سلط عليهم من العطش ما يضطرّهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاؤهم فيشربون منه شرب الهيم.
فإن قيل: كيف صح عطف الشاربين على الشاربين وهما لذوات متفقة وصفتان متفقتان فكان عطفاً للشيء على نفسه؟ أجيب: بأنهما ليستا بمتفقتين من حيث أن كونهم شاربين الحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة وقطع أمعائهم أمر عجيب فشربهم له على ذلك كما يشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضاً فكانتا صفتين مختلفتين؛ وقرأ نافع وعاصم وحمزة: بضم الشين والباقون بفتحها.
﴿هذا﴾ أي: ما ذكر ﴿نزلهم﴾ أي: ما يعدّ لهم أول قدومهم مكان ما يعد للضيف أول حلوله كرامة له ﴿يوم الدين﴾ أي: الجزاء الذي هو حكمة القيامة وإذا كان هذا نزلهم فما ظنك بما يأتي بعدما استقرّوا في الجحيم وفي هذا تهكم كما في قوله تعالى: ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾ (آل عمران: ٢١)
فإن النزل ما يعد للنازل تكرمة له ثم استدل على منكري البعث بقوله تعالى: ﴿نحن﴾ أي: لا غيرنا ﴿خلقناكم﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿فلولا﴾ تحضيض، أي: فهلا ﴿تصدقون﴾ أي: بالبعث فإن الإعادة أسهل من الابتداء؛ وقيل: نحن خلقنا رزقكم فهلا تصدقون أن هذا طعامكم إن لم تؤمنوا؛ ومتعلق التصديق محذوف تقديره: فلولا تصدّقون بخلقنا ﴿أفرأيتم﴾ أي: أخبروني هل رأيتم بالبصر والبصيرة ﴿ما تمنون﴾ أي: تصبون من المنيّ في أرحام النساء ﴿أأنتم تخلقونه﴾ أي: توجدونه مقدراً على ما هو عليه من الإستواء، والحكمة بعد خلقه من صورة النطفة إلى صورة العلقة ثم من صورة العلقة إلى صورة المضغة ثم منها إلى صورة العظام والأعصاب ﴿أم نحن﴾ أي: خاصة ﴿الخالقون﴾ أي الثابت لنا ذلك وقرأ أفرأيتم في الثلاثة مواضع نافع بتسهيل الهمزة التي هي عين الكلمة، ولو رش وجه ثان وهو أبدالها ألفاً، وأسقطها الكسائي، والباقون بالتحقيق، وقرأ أأنتم في الثلاثة المواضع نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بخلاف عن هشام، وأدخل بينهما ألفاً، قالون وأبو عمرو وهشام، ولم يدخل بينهما ورش وابن كثير ولو رش وجه ثان وهو إبدال الثانية ألفا والباقون بتحقيقهما مع عدم الإدخال بينهما.
ولما كان الجواب قطعاً أنت الخالق وحدك أكد ذلك بقوله تعالى: ﴿نحن﴾ أي: بمالنا من العظمة لا غيرنا ﴿قدرنا﴾ أي: تقديراً عظيماً لا يقدر سوانا على نقص شيء منه، ﴿بينكم الموت﴾ أي قسمنا عليكم فلم نترك أحداً منكم بغير حصة منه، وأقتنا موت كل بوقت معين لا يتعداه، فقصرنا عمر هذا وربما كان


الصفحة التالية
Icon