مخففة، والباقون بضمّ الياء وفتح الباء الموحدة وكسر الشين المشدّدة، واختلفوا في أنه لِمَ سمي يحيى قال ابن عباس: لأنّ الله أحيا به عقر أمّه وقال قتادة: لأنّ الله أحيا قلبه بالإيمان وقيل: لأنّ الله تعالى أحيا قلبه بالطاعة حتى أنه لم يهم بمعصية وهو اسم أعجمي منع صرفه للتعريف والعجمة كموسى وعيسى وقيل: عربي ومنع صرفه للتعريف ووزن الفعل كينسى، وجمعه يحيون كموسون وعيسون ﴿مصدّقاً بكلمة﴾ كائنة ﴿من الله﴾ أي: بعيسى أنه روح الله وسمي كلمة؛ لأنه خلق بكلمة كن وقيل: لأنّ الله أخبر الأنبياء بكلامه في كتابه أنه يخلق نبياً بلا أب فسماه بكلمة لحصول ذلك الوعد، وكان يحيى أوّل من آمن بعيسى وصدقه، وكان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر ثم قتل يحيى قبل أن يرفع عيسى عليهما الصلاة والسلام، وقول البيضاويّ وكان يحيى وعيسى ابن خالة من الأب فيه تجوز إذ يحيى ابن خالة أمّ عيسى لا ابن خالته وعيسى ابن بنت خالة يحيى لا ابن خالته ﴿وسيداً﴾ أي: يسود قومه فيصير متبوعاً. وقال الضحاك: السيد الحسن الخلق. وقال سعيد بن جبير: السيد الذي يطيع ربه وقال سعيد بن المسيب: السيد الفقيه العالم ﴿وحصوراً﴾ أي: مبالغاً في حبس النفس على الشهوات والملاهي.
روي أنه مرّ وهو طفل بصبيان فدعوه للعب فقال: ما للعب خلقت. وقال سعيد بن المسيب: الحصور هو المعسر الذي لا مال له فيكون الحصور بمعنى المحصور كأنه ممنوع من النساء وقيل: كان له مثل هدبة الثوب، وقد تزوّج مع ذلك ليكون أغض لبصره، وقيل: هو الممتنع من الوطء مع القدرة عليه واختار قوم هذا القول لوجهين: أحدهما أنّ الكلام خرج مخرج الثناء وهذا أقرب إلى استحقاق الثناء، والثاني أنه أبعد من إلحاق الآفة بالأنبياء ﴿ونبياً﴾ ناشئاً ﴿من الصالحين﴾ لأنه كان من أصلاب الأنبياء أو كائناً من جملة الصالحين فمن على هذا للتبعيض كقوله تعالى: ﴿وإنه في الآخرة لمن الصالحين﴾ (البقرة، ١٣٠).
﴿قال رب أنى﴾ أي: كيف ﴿يكون لي غلام﴾ أي: ابن ﴿وقد بلغني الكبر﴾ أي: أدركني كبر السن وأثر فيّ وكان عمره مائة وعشرين سنة وقيل: تسعاً وتسعين سنة ﴿وامرأتي عاقر﴾ أي: لا تلد من العقر وهو القطع؛ لأنها ذات عقر من الأولاد وكانت بنت ثمان وتسعين سنة.
فإن قيل: كيف قال زكريا بعدما وعده الله تعالى أن يكون له غلام أنى يكون لي غلام أكان شاكاً في وعد الله وفي قدرته؟ أجيب: بأنه قال ذلك استبعاداً من حيث العادة كما قالت مريم أو استعظاماً وتعجباً أو استفهاماً عن كيفية حدوثه أي: أتجعلني وامرأتي شابين أوترزقنا ولداً على الكبر منا أو ترزقني امرأة أخرى؟ وقيل: إنّ زكريا لما سمع نداء الملائكة جاءه الشيطان فقال: يا زكريا إنّ الصوت الذي سمعت ليس هو من الله إنما هو من الشيطان، ولو كان من الله لأوحاه إليك كما يوحي إليك في سائر الأمور، فقال ذلك دفعاً للوسوسة ﴿قال﴾ الأمر ﴿كذلك﴾ أي: من خلق غلام منكما ﴿الله يفعل ما يشاء﴾ لا يعجزه عنه شيء ولإظهار هذه القدرة العظيمة ألهمه الله السؤال ليجاب بها ولما تاقت نفسه إلى سرعة المبشر به.
﴿قال رب اجعل لي آية﴾ أي: علامة أعرف بها حمل امرأتي لأتلقى النعمة إذا جاءت بالشكر ﴿قال آيتك﴾ عليه ﴿أن لا تكلم الناس﴾ أي: تمتنع من كلامهم ﴿ثلاثة أيام﴾ أي: بلياليها كما في سورة مريم ثلاث ليال ﴿إلا رمزاً﴾ أي: إشارة بيد أو رأس والاستثناء منقطع وقيل: متصل والمراد بالكلام حينئذٍ
فيقول بعضهم: سورة البقرة لي، ويقول بعضهم: سورة آل عمران لي. وقيل: اقتسموا القرآن فقال بعضهم: سحر. وقال بعضهم: شعر. وقال بعضهم: كذب. وقال بعضهم: أساطير الأوّلين. وقيل: هم أهل الكتاب آمنوا ببعض كتبهم وكفروا ببعض على أنّ القرآن ما يقرؤونه من كتبهم فيكون ذلك تسلية لرسول الله ﷺ عن صنيع قومه بالقرآن وتكذيبهم وقولهم سحر وشعر وأساطير الأوّلين بأنّ غيرهم من الكفرة فعلوا بغيره من الكتب نحو فعلهم.l
تنبيه: عضين جمع عضة وهي الفرقة والعضين الفرق وتقدّم معنى جعلهم القرآن كذلك وقيل: العضة السحر بلغة قريش يقولون هو عاضه وهي عاضهة. وفي الحديث: «لعن رسول الله ﷺ العاضهة والمستعضهة»، أي: الساحرة والمستسحرة وقيل: هو من العضه وهو الكذب والبهتان، يقال: عضهه عضها وعضيهة، أي: رماه بالبهتان وقيل: جمع عضو مأخوذ من قولهم: عضيت الشيء أعضيه إذا فرقته وجعلته أجزاء وذلك أنهم جعلوا القرآن أعضاء مفرقة فقال بعضهم: سحر. وقال بعضهم: أساطير الأوّلين. ثم أقسم سبحانه وتعالى بنفسه على أنه يسأل هؤلاء المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين بقوله تعالى: ﴿فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون﴾ فيكون الضمير عائداً على المقتسمين لأنه الأقرب ويحتمل أن يعود على جميع المكلفين لأنّ ذكرهم تقدّم في قوله تعالى: ﴿وقل إني أنا النذير المبين﴾ (الحجر، ٨٩)
أي: لجميع الخلق قال جماعة من المفسرين: يسألون عن لا إله إلا الله. وقال أبو العالية: يسألون عما كانوا يعبدون وما أجابوا به المرسلين. فإن قيل: كيف الجمع بين قوله تعالى: ﴿فوربك لنسألنهم أجمعين﴾ وبين قوله تعالى: ﴿فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان﴾ (الرحمن، ٣٩)
أجيب: بأنّ النفي ينصرف إلى بعض الأوقات والاثبات إلى وقت آخر لأنّ يوم القيامة يوم طويل وفيه مواقف يسألون في بعضها ولا يسألون في بعض آخر. ونظيره قوله تعالى: ﴿هذا يوم لا ينطقون﴾ (المرسلات، ٣٥)
. وقال في آية أخرى: ﴿ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون﴾ (الزمر، ٣١)
ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
﴿فاصدع﴾ أي: اجهر بعلو وشدّة فارقاً بين الحق والباطل. وقرأ حمزة والكسائي بإشمام الصاد الساكنة قبل الدال والباقون بالصاد الخالصة. ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿تؤمر﴾ به. أمر النبيّ ﷺ في هذه الآية بإظهار الدعوة. روي عن عبد الله بن عبيدة قال: كان مستخفياً حتى نزلت هذه الآية فخرج هو وأصحابه. ﴿وأعرض﴾ أي: إعراض من لا يبالي ﴿عن المشركين﴾ بالصفح الجميل عن الأذى والاجتهاد في الدعاء ولا تلتفت إلى لومهم إياك على إظهار الدعوة. قال بعض المفسرين كالبغوي: وهذا منسوخ بآية القتال، قال الرازي: وهو ضعيف لأنّ معنى هذا الإعراض ترك المبالاة بهم فلا يكون منسوخاً. ولما كان هذا الصدع في غاية الشدّة عليه ﷺ لكثرة ما يلقى عليه من الأذى خفف عنه سبحانه وتعالى بقوله معللاً له:
﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة والقدرة ﴿كفيناك المستهزئين﴾ أي: شرّ الذين هم عريقون في الاستهزاء وهم خمسة نفر من رؤوساء قريش الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وعدي بن قيس، والأسود بن عبد المطلب، والأسود بن عبد يغوث، ووصف سبحانه وتعالى هؤلاء بقوله تعالى:
﴿الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر﴾ وقيل: ليس بصفة بل مبتدأ ولتضمنه معنى الشرط دخلت الفاء في خبره
الآخرة فإن عذاب الدنيا لا نسبة له إلى عذاب الآخرة، فإن قيل: ما الحكمة في مقابلة الأدنى بالأكبر، والأدنى إنما هو في مقابلة الأقصى والأكبر إنما هو في مقابلة الأصغر.
أجيب: بأنه حصل في عذاب الدنيا أمران: أحدهما: أنه قريب، والآخر: أنه قليل صغير، وحصل في عذاب الآخرة أيضاً أمران: أحدهما: أنه بعيد، والآخر: أنه عظيم كبير، لكن العرف في عذاب الدنيا هو أنه الذي يصلح للتخويف، فإن العذاب الآجل وإن كان قليلاً فلا يحترز عنه بعض الناس أكثر مما يحترز من العذاب الشديد إذا كان آجلاً، وكذا الثواب العاجل قد يرغب فيه بعض الناس ويستبعد الثواب العظيم الآجل.
وأما في عذاب الآخرة فالذي يصلح للتخويف به هو العظيم والكبير لا البعيد؛ لما ذكر. فقال في عذاب الدنيا: العذاب الأدنى ليحترز العاقل ولو قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأصغر ما كان ليحترز عنه لصغره وعدم فهم كونه عاجلاً، وقال في عذاب الآخرة: الأكبر لذلك المعنى، ولو قال: من العذاب الأبعد الأقصى لما حصل التخويف به مثل ما يحصل بوصفه من الكبر ﴿لعلهم يرجعون﴾ إلى الإيمان أي: من بقي منهم بعد بدر، فإن قيل: ما الحكمة في هذا الترجي وهو على الله تعالى محال، أجيب بوجهين: أحدهما: معناه لنذيقنهم إذاقة الراجي كقوله تعالى ﴿إنا نسيناكم﴾ يعني تركناكم كما يترك الناسي حيث لا يلتفت إليه أصلاً كذلك هنا، والثاني: نذيقنهم العذاب، إذاقة يقول القائل: لعلهم يرجعون بسببه.
﴿ومن﴾ أي: لا أحد ﴿أظلم ممن ذكر بآيات ربه﴾ أي: القرآن ﴿ثم أعرض عنها﴾ فلم يتفكر فيها، وثم لاستبعاد الإعراض عنها مع فرط وضوحها وإرشادها إلى أسباب السعادة بعد التذكر بها عقلاً كما في بيت الحماسة:

*وما يكشف الغماء إلا ابن حرة يرى غمرات الموت ثم يزورها*
أي: لا يكشف الأمر العظيم إلا رجل كريم موصوف بما ذكر، والغماء بتشديد الميم والمد أي: في مدة اقتحام الحرب، والشاهد في قوله: ثم يزورها، إذ المعنى أنه استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها ﴿إنا من المجرمين﴾ أي: الكافرين ﴿منتقمون﴾ وعبر بصيغة العظمة تنبيهاً على أن الذي يحصل لهم من العذاب لا يدخل تحت الوصف على مجرد العداد في الظالمين فكيف إذا كانوا أظلم الظالمين، والجملة الاسمية تدل على دوام ذلك عليهم في الدنيا أما باطناً بالاستدراج بالنعم، وأما ظاهراً بإحلال النقم وفي الآخرة بدوام العذاب على ممر الآباد.
ولما قرر الأصول الثلاثة وعاد إلى الأصل الذي بدأ به وهو الرسالة المذكورة في قوله تعالى ﴿لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير﴾ (القصص: ٤٦)
بين أنه ليس بدعا من الرسل بقوله تعالى:
﴿ولقد آتينا موسى الكتاب﴾ أي: الجامع للأحكام وهو التوراة فكان قبلك رسل مثلك، وذكر موسى عليه السلام لقربه من النبي ﷺ وهو أول من أنزل عليه كتاب من أنبياء بني إسرائيل بعد فترة كثيرة من الأنبياء بينه وبين يوسف عليهما السلام، ولم يختر عيسى عليه السلام للذكر والاستدلال لأن اليهود ما كانوا يوافقون على نبوته وأما النصارى فكانوا يعترفون بنبوءة موسى عليه السلام فذكر المجمع عليه ﴿فلا تكن في مريه﴾ واختلف في الهاء في قوله تعالى ﴿من لقائه﴾ على
﴿من قبل أن نبرأها﴾ أي: نخلق ونوجد ونقدر المصيبة في الأرض والأنفس، وهذا دليل على أنّ اكتساب العباد بخلقه سبحانه وتعالى وتقديره ﴿إن ذلك﴾ أي: الأمر الجليل وهو علمه بالشيء وكتبه له على تفاصيله قبل أن يخلقه ﴿على الله﴾ أي: لما له من الإحاطة بصفات الكمال ﴿يسير﴾ لأن علمه محيط بكل شيء فقدرته شاملة لا يعجزه فيها شيء.
ثم بين ثمرة إعلامه بذلك بقوله تعالى: ﴿لكيلا﴾ أي: أعلمناكم بأنا على مالنا من العظمة قد فرغنا من التقدير فلا يتصور فيه تقديم ولا تأخير ولا تبديل ولا تغيير لا الحزن يدفعه ولا السرور يجلبه ويجمعه كما قال ﷺ «يا معاذ ليقل همك ما قدر يكن» لأجل أن ﴿لا تأسوا﴾ أي: تحزنوا حزناً كبيراً زائداً على ما في أصل الجبلة فربما جرّ ذلك إلى السخط وعدم الرضا بالقضاء ﴿على ما فاتكم﴾ أي: من المحبوبات الدنيوية ﴿ولا تفرحوا﴾ أي: تسروا سروراً يوصلكم إلى البطر بالتمادي على ما في أصل الجبلة وقوله تعالى: ﴿بما آتاكم﴾ قرأه أبو عمرو بقصر الهمزة، أي: جاءكم منه، والباقون بالمد أي أعطاكم قال جعفر الصادق رضي الله عنه: مالك تأسف على مفقود ولا يردّه عليك الفوت ومالك تفرح بموجود ولا يتركه في يدك الموت ا. هـ.
ولقد عزى الله تعالى المؤمنين رحمة بهم في مصائبهم وزهدهم في رغائبهم بأن أسفهم على فوت المطلوب لا يعيده، وفرحهم بحصول المحبوب لا يفيده، وبأن ذلك لا مطمع في بقائه إلا بإدخاره عند الله تعالى وذلك بأن يقول: المصيبة قدر الله تعالى وما شاء فعل ويصبر؛ وفي النعمة هكذا قضى وما أدري مآله هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر فلا يزال خائفاً عند النعمة قائلاً في الحالين ما شاء الله تعالى كان وما لم يشأ لم يكن، وأكمل من هذا أن يكون مسروراً بذكر ربه في كلتا الحالتين، وقيمة الرجال إنما تعرف بالواردات المغيرة فمن لم يتغير بالمضار ولم يتأثر بالمسار فهو سيد وقته كما أشار إليه القشيري؛ وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح ولكن المؤمن يجعل مصيبته صبراً وغنيمته شكراً والحزن والفرح المنهي عنهما هما اللذان تتعدى فيهما إلى ما لا يجوز ﴿والله﴾ أي: الذي له صفات الكمال ﴿لا يحب﴾ أي: لا يفعل فعل المحب بأن يكرم ﴿كل مختال﴾ أي: متكبر نظراً إلى ما في يده من الدنيا ﴿فخور﴾ أي: به على الناس قال القشيري: الاختيال من بقايا النفس ورؤيتها، والفخر من رؤية خطر ما به يفتخر.
وقوله تعالى: ﴿الذين يبخلون﴾ بدل من كل مختال فخور فإنّ المختال بالمال يضن به غالباً ﴿ويأمرون الناس﴾ أي: كل من يعرفونه ﴿بالبخل﴾ إرادة أن يكونوا لهم رفقاء يعملون بأعمالهم الخبيثة أو مبتدأ خبره محذوف مدلول عليه بقوله تعالى: ﴿ومن يتول﴾ أي: يكلف نفسه الإعراض ضد ما في فطرته من محبة الخير والإقبال على الله تعالى: ﴿فإن الله﴾ الذي له جميع صفات الكمال ﴿هو﴾ أي: وحده ﴿الغني الحميد﴾ لأنّ معناه ومن يعرض عن الإنفاق فإنّ الله غني أي: عن ماله وعن إنفاقه وكل شيء مفتقر إليه وهو مستحق للحمد سواء أحمده الحامدون أم لا ﴿لقد أرسلنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿رسلنا﴾ أي: الذين لهم نهاية الجلال بما لهم بنا من الاتصال من الملائكة إلى الأنبياء على جميعهم أفضل الصلاة والسلام ومن الأنبياء إلى الأمم ﴿بالبينات﴾ أي: الحجج القواطع ﴿وأنزلنا﴾ أي: بعظمتنا التي لا شيء أعلى منها ﴿معهم الكتاب﴾


الصفحة التالية
Icon