الله عليه وسلم قبل أن يبعث فلما بعث كفروا به. وقال قتادة: هم أهل البدع. وقال أبو أسامة: هم الخوارج، ولما رآهم على درج دمشق دمعت عيناه ثم قال كلاب: أهل النار هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء وخير قتلى تحت أديم الأرض الذين قتلهم هؤلاء، فقال له أبو غالب: أشيء تقوله برأيك أم شيء سمعته من رسول الله ﷺ فقال: بل سمعته من رسول الله ﷺ غير مرّة قال: فما شأنك دمعت عيناك قال: رحمة لهم كانوا من أهل الإسلام فكفروا ثم قرأ هذه الآية ثم أخذ بيده فقال: إنّ بأرضك منهم كثيراً فأعاذك الله تعالى منهم وقوله تعالى: ﴿فذوقوا العذاب﴾ أمر إهانة ﴿بما كنتم تكفرون﴾ أي: بسبب كفركم أو جزاء كفركم فالباء متعلقة بذوقوا على الأول وبمحذوف على الثاني.
﴿وأمّا الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله﴾ أي: جنته عبر عنها بالرحمة تنبيهاً على أنّ المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى لا يدخل الجنة إلا برحمته وفضله.
فإن قيل: كان حق الترتيب أن يقدّم ذكرهم أجيب: بأنّ القصد أن يكون مطلع الكلام ومقطعه حلية المؤمنين وثوابهم.
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: ﴿هم فيها خالدون﴾ بعد قوله ﴿ففي رحمة الله﴾ أجيب: بأنّ فائدته أنه أخرج مخرج الإستئناف والتأكيد كأنه قيل: كيف يكونون فيها؟ فقال: هم فيها خالدون لا يظعنون عنها ولا يموتون.
﴿تلك﴾ أي: هذه الآيات الواردة في الوعد والوعيد ﴿آيات الله نتلوها عليك﴾ يا محمد ﴿بالحق﴾ أي: متلبسة بالحق والعدل من جزاء المحسن والمسيء ﴿وما الله يريد ظلماً للعالمين﴾ إذ يستحيل الظلم منه تعالى؛ لأنه لا يجب عليه شيء بل هو المالك على الإطلاق كما قال تعالى:
﴿ولله ما في السموات وما في الأرض﴾ ملكاً وخلقاً ﴿وإلى الله ترجع﴾ أي: تصير ﴿الأمور﴾ فيجازي كلاً بما وعد له وأوعد.
﴿كنتم﴾ يا أمة محمد ﷺ في علم الله تعالى ﴿خير أمة أخرجت﴾ أي: أظهرت ﴿للناس﴾ وقيل: كنتم في الأمم قبلكم مذكورين بأنكم خير أمة موصوفين به.
روي أنه ﷺ قال: «ألا وإن هذه الأمة توفي سبعين أمة هي خيرها وأكرمها على الله تعالى».
وروي أنه ﷺ قال: «مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوّله خير أم آخره».
وروي أنه ﷺ قال: «إنّ الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمّتي».
وروي أنه ﷺ قال: «أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون من هذه الأمة» وقوله تعالى: ﴿تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾ استئناف بين به كونهم خير أمة كما تقول: زيد كريم يطعم الناس ويكسوهم ويقوم بمصالحهم أو خبر ثان لكنتم وقوله تعالى: ﴿وتؤمنون با﴾ يتضمن الإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به؛ لأنّ من آمن ببعض ما يجب الإيمان به من رسول أو كتاب أو بعث أو حساب أو عقاب أو ثواب أو غير ذلك لم يعتدّ بإيمانه فكأنه غير مؤمن بالله.
فإن قيل: لم أخر تؤمنون بالله وحقه أن يقدم؟ أجيب: بأنه إنما أخر؛ لأنه قصد بذكره الدلالة على أنهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إيماناً بالله تعالى وتصديقاً به وإظهاراً لدينه.
تنبيه: استدل بهذه الآية على أنّ إجماع هذه الأمة حجة؛ لأنها تقتضي كونهم آمرين بكل معروف ناهين عن كل منكر إذ اللام فيها للإستغراق فلو أجمعوا على باطل كتحريم شيء هو في نفس الأمر معروف كان أمرهم على خلاف ذلك {ولو آمن
لكون الأنثى ولداً كما علم مما مرّ. قال ابن ميلق: قال المفسرون: كانت المرأة إذا أدركها المخاض احتفرت حفرة وجلست على شفيرها فإن وضعت ذكراً أظهرته وظهر السرور على أهله، وإن وضعت أنثى استأذنت مستولدها فإن شاء أمسكها على هون وإن شاء أمرها بإلقائها في الحفرة وردّت التراب عليها وهي حية لتموت انتهى. وعن قيس بن عاصم أنه قال: يا رسول الله، إني واريت ثمان بنات في الجاهلية. فقال له ﷺ «أعتق عن كل واحدة منهنّ رقبة. فقال: يا نبيّ الله إني ذو إبل. قال: إهد عن كل واحدة منهن هدياً». وروي أنّ رجلاً قال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما أجد حلاوة الإسلام مذ قد أسلمت، فقد كانت لي في الجاهلية ابنة فأمرت امرأتي أن تزينها فأخرجتها فلما انتهيت إلى واد فيه بئر بعيدة القعر ألقيتها فيها فقالت: يا أبت قتلتني، فكلما ذكرت قولها لم ينفعني شيء. فقال ﷺ «ما كان في الجاهلية فقد هدمه الإسلام وما في الإسلام يهدمه الاستغفار»، وكانوا في الجاهلية مختلفين في قتل البنات فمنهم من يحفر الحفرة ويدفنها فيها إلى أن تموت، ومنهم من يرميها من شاهق جبل ومنهم من يغرقها ومنهم من يذبحها وكانوا يفعلون ذلك تارة للغيرة والحمية خوفاً من أن يطمع فيهنّ غير الأكفاء وتارة خوفاً من الفقر وكثرة العيال ولزوم النفقة. وكان الذي منهم يريد أن يحيي ابنته تركها حتى تكبر ثم يلبسها جبة من صوف أو شعر ويجعلها ترعى
الإبل والغنم في البادية. قال الله تعالى: ﴿ألا ساء﴾ أي: بئس ﴿ما يحكمون﴾ حكمهم هذا وذلك لأنهم بلغوا في الاستنكاف من البنت إلى أعظم الغايات فأوّلها: أنه يسود وجهه، وثانيها: أنه يختفي من القوم من شدّة نفرته عن البنت. وثالثها: أنّ الولد محبوب بحسب الطبيعة ثم إنه بسبب نفرته عنها يقدم على قتلها وذلك يدل على أنّ النفرة عن البنت والاستنكاف عنها قد بلغ مبلغاً لا يزاد عليه فكيف يليق بالعاقل أن يثبت ذلك لإله عالم مقدس عال عن مشابهة جميع المخلوقات، ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذاً قسمة ضيزى﴾ (النجم: ٢١، ٢٢)
ثم قال تعالى: ﴿للذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ وهم الكفار ﴿مثل السوء﴾ أي: الصفة السوء بمعنى القبيحة وهي قتلهم البنات مع احتياجهم إليهنّ للنكاح ﴿ولله المثل الأعلى﴾ أي: الصفة العليا وهي أنه لا إله إلا هو، وأن له جميع صفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والبقاء السرمدي وغير ذلك من الصفات التي وصف الله بها نفسه. وقال ابن عباس: مثل السوء النار والمثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله. فإن قيل: كيف جاء لله المثل الأعلى مع قوله تعالى: ﴿فلا تضربوا لله الأمثال﴾ (النحل، ٧٤)
أجيب: بأنّ المثل الذي يضربه الله تعالى حق وصدق والذي يذكره غيره باطل. ﴿وهو العزيز﴾ الذي لا يمتنع عليه شيء فلا نظير له. ﴿الحكيم﴾ الذي لا يوقع شيئاً إلا في محله. ولما حكى الله تعالى عن القوم عظيم كفرهم وقبيح قولهم بين أنه تعالى يمهل هؤلاء الكفار ولا يعاجلهم بالعقوبة إظهاراً للفضل والرحمة والكرم بقوله تعالى:
أي: بسبب كفرهم ومعاصيهم ﴿ما ترك عليها﴾ أي: على الأرض وإنما أضمر ذكرها من غير ذكر لدلالة الناس والدابة عليها. ﴿من دابة﴾ أي: أنّ الله تعالى لو آخذ الناس بظلمهم لأهلك جميع الدواب التي على وجه الأرض. فإن قيل: اسم الناس جنس يشمل الكل
الله تعالى ﴿رحماء بينهم﴾ (الفتح: ٢٩)
واختلف في تفسير قوله تعالى ﴿وأرضاً﴾ أي: وأورثكم أرضاً ﴿لم تطؤها﴾ فعن مقاتل أنها خيبر وعليه أكثر المفسرين، وعن الحسن فارس والروم، وعن قتادة كما تحدث أنها مكة، وعن عكرمة كل أرض تفتح إلى القيامة، ومن بدع التفسير أنه أراد نساءهم انتهى.
ولما كان ذلك أمراً باهراً سهله بقوله تعالى: ﴿وكان الله﴾ أي: أزلاً وأبداً بما له من صفات الكمال ﴿على كل شيء﴾ هذا وغيره ﴿قديراً﴾ أي: شامل القدرة، روى أبو هريرة أن رسول الله ﷺ كان يقول: «لا إله إلا الله وحده أعز جنده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فلا شيء بعده» ولما أرشد الله تعالى نبيه ﷺ إلى جانب ما يتعلق بجانب التعظيم لله تعالى بقوله تعالى: ﴿يا أيها النبي اتق الله﴾ ذكر ما يتعلق بجانب الشفقة، وبدأ بالزوجات فإنهن أولى الناس بالشفقة ولهذا قدمهن في النفقة فقال:
﴿يا أيها النبي قل لأزواجك﴾ أي: نسائك ﴿إن كنتن﴾ أي: كوناً راسخاً ﴿تردن﴾ أي: اختياراً على ﴿الحياة﴾ ووصفها بما يزهد فيها ذوي الهمم، ويذكر من له عقل بالآخرة بقوله تعالى: ﴿الدنيا﴾ أي: ما فيها من السعة والرفاهية والنعمة ﴿وزينتها﴾ أي: المنافية لما أمرني به ربي من الإعراض عنه واحتقاره من أمرها لأنها أبغض خلقه إليه لأنها قاطعة عنه ﴿فتعالين﴾ أصله أن الآمر يكون أعلى من المأمور فيدعوه أن يرفع نفسه إليه، ثم كثر حتى صار معناه أقبل وهو هنا كناية عن الأخبار والإرادة بعلاقة أن المخبر يدنو إلى من يخبره ﴿أمتعكن﴾ أي: بما أحسن به إليكن من متعة الطلاق، وهي واجبة لزوجة لم يجب لها نصف مهر فقط بأن وجب لها جميع المهر، أو كانت مفوضة لم توطأ ولم يفرض لها شيء صحيح.
أما في الأولى: فلأن المهر في مقابلة منفعة بضعها، وقد استوفاها الزوج فتجب للإيحاش المتعة، وأما في الثانية: فلأن المفوضة لم يحصل لها شيء، فيجب لها متعة للإيحاش، بخلاف من وجب لها النصف فلا متعة لها لأنه لم يستوف منفعة بضعها فيكفي نصف مهرها للإيحاش. هذا إذا كان الفراق لا بسببها، وسن أن لا تنقص عن ثلاثين درهماً أو ما قيمته ذلك، وأن لا تبلغ نصف المهر، فإن تراضيا على شيء فذاك، وإلا قدرها قاض باجتهاده بقدر حالهما من يساره وإعساره ونسبها وصفاتها قال تعالى ﴿ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره﴾ (البقرة: ٢٣٦)
﴿وأسرحكن﴾ أي: من حبالة عصمتي ﴿سراحاً جميلاً﴾ أي: طلاقاً من غير مضارة ولا نوع حطة ولا مقاهرة.
﴿وإن كنتن﴾ أي: بما لكن من الجبلة ﴿تردن الله﴾ أي: الآمر بالإعراض عن الدنيا ﴿ورسوله﴾ أي: المؤتمر بما أمره به من الانسلاخ عنها، المبلغ للعباد جميع ما أرسله به من أمر الدنيا والدين، لا يدع منه شيئاً لما له عليكن وعلى سائر الناس من الحق بما يبلغهم عن الله تعالى ﴿والدار الآخرة﴾ أي: التي هي الحيوان بما لها من البقاء والعلو والارتقاء ﴿فإن الله﴾ بما له من جميع صفات الكمال ﴿أعد﴾ أي: في الدنيا والآخرة ﴿للمحسنات منكن﴾ أي: اللاتي يفعلن ذلك ﴿أجراً عظيماً﴾ تستحقر دونه الدنيا وزينتها، ومن للبيان لأنهن كلهن محسنات قال المفسرون: سبب نزول هذه الآية: أن نساء النبي ﷺ سألنه من عرض الدنيا شيئاً، وطلبن منه زيادة في النفقة وآذينه بغيرة بعضهن على بعض، فهجرهن
الشام، قال ابن عباس وعكرمة رضي الله عنهم: من شك أنّ المحشر في الشام فليقرأ هذه الآية، وأنّ النبي ﷺ قال لهم: «اخرجوا قالوا إلى أين، قال: إلى أرض الحشر» قال قتادة: هذا أول الحشر. قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو أول من حشر من أهل الكتاب وأخرج من داره.
وأما الحشر الثاني: فحشرهم قرب القيامة، قال قتادة: تأتي نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا وتأكل من تخلف منهم، وهذا ثابت في الصحيح. وذكروا أنّ تلك النار ترى بالليل ولا ترى بالنهار.
وقال ابن العربي: للحشر أوّل ووسط وآخر، فالأوّل: جلاء بني النضير، والأوسط: جلاء خيبر، والآخر: حشر يوم القيامة. وعن الحسن: هم بنو قريظة وخالفه بقية المفسرين، وقالوا: بنو قريظة ما حشروا ولكنهم قتلوا حكاه الثعلبي ﴿ما ظننتم﴾ أيها المؤمنون ﴿أن يخرجوا﴾ أي: يوقعوا الخروج من شيء أورثتموه منهم لما كان لكم من الضعف ولهم من القوة لكثرتهم وشدّة بأسهم وقرب بني قريظة منهم وأهل خيبر أيضاً غير بعيدين عنهم، وكلهم أهل ملتهم والمنافقون من أنصارهم فخابت ظنونهم في جميع ذلك ﴿وظنوا أنهم﴾ وقوله تعالى: ﴿ما نعتهم حصونهم﴾ فيه وجهان:
أحدهما: أن تكون حصونهم مبتدأ، وما نعتهم خبر مقدّماً، والجملة خبر أنهم.
الثاني: أن تكون مانعتهم خبر أنهم، وحصونهم فاعل به نحو إنّ زيداً قائم أبوه، وإنّ عمراً قائمة جاريته. وجعله أبو حيان أولى لأنّ في نحو قائم زيد على أن يكون خبراً مقدّماً ومبتدأ مؤخراً خلافاً، والكوفيون يمنعونه فمحل الوفاق أولى.
وقال الزمخشري: فإن قلت: أي فرق بين قولك وظنوا أن حصونهم تمنعهم أو ما نعتهم، وبين النظم الذي جاء عليه. قلت: في تقديم الخبر على المبتدأ دليل على فرط وثوقهم بحصانتها ومنعها إياهم، وفي تصيير ضميرهم اسماً لأن وإسناد الجملة إليه دليل على اعتقادهم في أنفسهم أنهم في عزة ومنعة، لا يبالي معها بأحد يتعرّض لهم أو يطمع في معازتهم، وليس ذلك في قولك: وظنوا أنّ حصونهم تمنعهم ا. هـ. وهذا الذي ذكره إنما يتأتى على الإعراب الأوّل، وقد تقدّم أنه مرجوح ودل على ضعف عقولهم بأن عبر عن جنده باسمه الأعظم بقوله تعالى: ﴿من الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي لا عز إلا له ﴿فأتاهم الله﴾ أي: جاءهم الملك الأعظم الذي لا يحتملون مجيئه ﴿من حيث لم يحتسبوا﴾ بما صوّر لهم من حقارة أنفسهم على حبسها، وهي خذلان المنافقين رعباً كرعبهم. وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة، وورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بفتحها ﴿وقذف﴾ أي: أنزل إنزالاً كأنه قذف بحجارة فثبت ﴿في قلوبهم الرعب﴾ أي: الخوف الذي سكنها بعد أن كان الشيطان زين لهم غير ذلك، وملأ قلوبهم من الأطماع الفارغة. وقرأ في قلوبهم الرعب، وعليهم الجلاء، ولأخوانهم الذين حمزة والكسائي في الوصل بضم الهاء والميم، وأبو عمر وبكسرهما، والباقون بكسر الهاء وضم الميم، وحرّك العين بالضم ابن عامر والكسائي، والباقون بالكسون
ثم بين تعالى حالهم عند ذلك وفسر قذف الرعب بقوله تعالى: ﴿يخربون بيوتهم﴾ أي: لينقلوا ما استحسنوه منها من خشب وغيره. وقرأ أبو عمرو بفتح الخاء وتشديد الراء، والباقون بسكون الخاء وتخفيف الراء وهما بمعنى، لأنّ خرب عدّاه أبو عمرو بالتضعيف، وهم بالهمزة. وعن أبي عمر وأنه فرق بمعنى آخر فقال: خرّب بالتشديد هدم، وأفسد وأخرب بالهمزة ترك الموضع خراباً وذهب عنه، وهو