إليه مقامه، ثم حذف كما حذف في القراءة الأولى ﴿إنّ الله كان على كل شيء شهيداً﴾ أي: مطلعاً فخافوه ﴿الرجال قوّامون على النساء﴾ أي: يقومون عليهنّ قيام الولاة على الرعية وعلل ذلك بأمرين: أحدهما وهبيّ والآخر كسبيّ، وقد ذكر الأوّل بقوله تعالى: ﴿بما فضل الله بعضهم على بعض﴾ أي: بسبب تفضيله الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ومزيد القوّة في الأعمال والطاعات، ولذلك خصوا بالنبوّة والأمانة والولاية، وإقامة الشعائر، والشهادة في مجامع القضايا، ووجوب الجهاد، والجمعة، والتعصيب وزيادة السهم في الميراث والاستبداد بالفراق والرجعة وعدد الأزواج وإليهم الانتساب وهم أصحاب اللحى والعمائم، ثم ذكر الثاني بقوله تعالى: ﴿وبما أنفقوا من أموالهم﴾ في نكاحهنّ كالمهر والنفقة.
روي أنه ﷺ قال: «لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها».
وروي أنّ سعيد بن الربيع أحد نقباء الأنصار نشزت عليه زوجته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير فلطمها فانطلق بها أبوها إلى رسول الله ﷺ وقال: أفرشته كريمتي فلطمها فقال: «لتقتص منه» فنزلت فقال: «أردنا أمراً وأراد الله أمراً والذي أراد الله خير» ورفع القصاص ﴿فالصالحات﴾ منهنّ ﴿قانتات﴾ أي: مطيعات لأزواجهنّ ﴿حافظات للغيب﴾ أي: لما يجب عليهنّ حفظه في حال غيبة أزواجهنّ من الفروج والبيوت والأموال، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرّتك وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها» ﴿بما حفظ الله﴾ أي: بما حفظهنّ الله حين أوصى بهنّ الأزواج في كتابه، وأمر رسول الله ﷺ فقال: «استوصوا بالنساء خيراً» أو بما حفظهنّ الله وعصمهنّ ووفقهنّ لحفظ الغيب، أو بما حفظهنّ حين وعدهنّ الثواب العظيم على حفظ الغيب وأوعدهنّ بالعذاب الشديد على الخيانة ﴿واللاتي تخافون﴾ أي: تعلمون ﴿نشوزهنّ﴾ كما في قوله تعالى: ﴿فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً﴾ (البقرة، ١٨٢)
﴿فعظوهنّ﴾ أي: خوفوهنّ كأن يقول لزوجته: اتقي الله في الحق الواجب لي عليك واحذري العقوبة ويبيّن لها أنّ النشوز يسقط النفقة والقسم ﴿واهجروهنّ في المضاجع﴾ أي: اعتزلوهنّ في الفراش ﴿واضربوهنّ﴾ وإن لم يتكرّر النشوز إن أفاد الضرب وإلا فلا يضرب كما لا يضرب ضرباً مبرّحاً ولا وجهاً ولا مهالك ومع ذلك فالأولى له العفو، وخرج بالعلم بالنشوز ما إذا ظهرت أماراته فقط إما بقول كأن صارت تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين، وإما بفعل كأن يجد منها إعراضاً وعبوساً بعد تلطف وطلاقة وجه، فإنه يعظها بلا هجر وبلا ضرب لعلها تبدي عذراً أو تتوب عما وقع منها بغير عذر، وخرج بالمضجع الهجر بالكلام، فلا يجوز الهجر فوق ثلاثة أيام ويجوز فيها للخبر الصحيح: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» إن قصد بهجرها ردّها لحظ نفسه فإن قصد به ردّها عن المعصية وإصلاح دينها فلا تحريم إذ النشوز حينئذ عذر شرعيّ، والهجر له في الكلام جائز مطلقاً، ومنه هجره ﷺ كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه الصحابة عن كلامهم ﴿فإن أطعنكم﴾ فيما يراد منهنّ ﴿فلا تبغوا﴾ أي: لا تطلبوا ﴿عليهنّ سبيلاً﴾ أي: طريقاً إلى ضربهنّ ظلماً
وقوله تعالى: ﴿وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها﴾ نزل في مهجع وبلال وصهيب وسالم وخباب وكانوا يسألون النبيّ ﷺ في الأحايين ما يحتاجون إليه ولا يجد فيعرض عنهم حياء منهم ويمسك لانتظار رزق من الله يرجوه أن يأتيه فيعطيه ﴿فقل لهم﴾ أي: في حالة الإعراض ﴿قولاً ميسوراً﴾ أي: ذا يسر يشرح صدروهم ويبسط رجاءهم لأنّ ذلك أقرب إلى طريق المتقين المحسنين. قال أبو حيان: روي أنه عليه الصلاة والسلام كان بعد نزول هذه الآية إذا لم يكن عنده ما يعطي وسئل يقول: «يرزقنا الله تعالى وإياكم من فضله» انتهى. وقد وقع هذا الابتغاء موضع الفقد لأنّ فاقد الرزق مبتغ له فكان الفقد سبباً للابتغاء والابتغاء مسبباً عنه فوضع المسبب موضع السبب، ثم أمر تعالى نبيَّه بما وصف له عباده المؤمنين في الإنفاق في سورة الفرقان بقوله تعالى: ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما﴾ (الفرقان، ٦٧)
. فقال تعالى: ﴿ولا تجعل يدك﴾ أي: بالبخل ﴿مغلولة﴾ أي: كأنها بالمنع مشدودة بالغل ﴿إلى عنقك﴾ أي: لا تستطيع مدّها أي: لا تمسك عن الإنفاق بحيث تضيق على نفسك وأهلك في وجوه صلة الرحم وسبيل الخيرات، والمعنى لا تجعل يدك في انقباضها كالمغلولة الممنوعة من الانبساط ﴿ولا تبسطها﴾ بالبذل ﴿كل البسط﴾ فتبذر بحيث لا يبقى في يدك شيء. ذكر الحكماء في كتب الأخلاق أنّ لكل خلق طرفي إفراط وتفريط وهما مذمومان والخلق الفاضل هو العدل والوسط، فالبخل إفراط في الإمساك والتبذير إفراط في الإنفاق وهما مذمومان والمعتدل هو الوسط. وعن جابر أتى رسول الله ﷺ صبيّ فقال: يا رسول الله إنّ أمي تستكسيك درعاً أي: قميصاً ولم يكن لرسول. الله ﷺ إلا قميصه فقال للصبيّ: «من ساعة إلى ساعة». هذا متعلق بمحذوف، أي: أخر سؤالك من ساعة ليس لنا فيها درع إلى ساعة يظهر لنا فيها درع فعد إلينا فذهب إلى أمّه فقالت له: قل له إنّ أمي تستكسيك الدرع الذي عليك فدخل رسول الله ﷺ ونزع قميصه فأعطاه وقعد عرياناً أي: في إزار ونحوه فأذن بلال بالصلاة فانتظره فلم يخرج فشغل قلوب أصحابه فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً. فأنزل الله تعالى ﴿ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط﴾ ». فتعطي جميع ما عندك.
تنبيه: ما ذكرته عن جابر تبعاً «للكشاف» والبيضاوي والرازي وغيرهم قال الوليّ العراقي: لم أقف عليه وكذا قال الحافظ ابن حجر وقد يقال من حفظ حجة على من لم يحفظ.
﴿فتقعد﴾ أي: توجد كالمقعد ﴿ملوماً﴾ أي: بليغ الرسوخ فيما يلام بسببه عند الله لأنّ ذلك مما نهى الله عنه عند نفسك وعند الناس لأنه يلوم نفسه وأصحابه أيضاً يلومونه على تضييع المال بالكلية. ﴿محسوراً﴾ أي: منقطعاً بك لذهاب ما تقوى به. قال القفال: شبه حال من أنفق كل ماله بمن انقطع في سفره بسبب انقطاع مطيته لأنّ ذلك المقدار من المال كأنه مطية تحمل الإنسان إلى آخر الشهر والسنة، كما أنّ ذلك البعير يحمله ويبلغه إلى آخر المنزل فإذا انقطع ذلك البعير بقي في وسط الطريق عاجزاً متحيراً فكذلك الإنسان إذا أنفق مقدار ما يحتاج إليه في مدّة شهر في أقل منه بقي في وسط ذلك الشهر عاجزاً متحيراً ومن فعل ذلك لحقه اللوم من أهله والمحتاجين إلى إنفاقه عليهم بسبب
جميعاً.
وقيل: الذي بين يديه يوم القيامة، والمعنى أنهم جحدوا أن يكون القرآن من الله، وأن يكون ما دل عليه من الإعادة للجزاء حقيقة.
ثم أخبر عن عاقبة أمرهم ومآلهم في الآخرة فقال تعالى لرسوله ﷺ أو للمخاطب: ﴿ولو﴾ أي: والحال أنك لو ﴿ترى﴾ أي: يوجد منك رؤية لحالهم ﴿إذا الظالمون﴾ أي: الذين يضعون الأشياء في غير محالها فيصدقون آباءهم لإحسان يسير مكدر من غير دليل، ولا يصدقون ربهم الذي لا نعمة عندهم ولا عند آبائهم إلا منه ﴿موقوفون﴾ أي: بعد البعث بأيدي جنوده أو غيرها بأيسر أمر منه ﴿عند ربهم﴾ أي: في موضع المحاسبة ﴿يرجع بعضهم﴾ أي: على وجه الخصام عداوة كان سببها مواددة في الدنيا بطاعة بعضهم لبعض في معاصي الله تعالى ﴿إلى بعض القول﴾ أي: بالملامة والمباكتة والمخاصمة.
تنبيه: مفعول ترى وجواب لو محذوفان للفهم أي: لو ترى حال الظالمين وقت وقوفهم راجعاً بعضهم إلى بعض القول لرأيت حالاً فظيعة وأمراً منكراً ويرجع حال من ضمير موقوفون، والقول مفعول يرجع، لأنه يتعدى قال تعالى: ﴿فإن رجعك الله﴾ (التوبة: ٨٣)
وقوله تعالى ﴿يقول الذين استضعفوا﴾ أي: وقع استضعافهم ممن هو فوقهم في الدنيا وهم الأتباع في تلك الحال على سبيل اللوم ﴿للذين استكبروا﴾ أي: أوجدوا الكبر وطلبوه بما وجدوا من أسبابه التي أدت إلى استضعافهم للأولين وهم الرؤوس المتبوعون ﴿لولا أنتم﴾ أي: لولا ضلالكم وصدكم إيانا عن الإيمان ﴿لكنا مؤمنين﴾ أي: باتباع الرسول تفسير لقوله تعالى: ﴿يرجع﴾ فلا محل له قال ابن عادل: وأنتم بعد لولا مبتدأ على أصح المذاهب وهذا هو الأفصح أعني وقوع ضمائر الرفع بعد لولا أي: وغيره فصيح خلافاً للمبرد حيث جعل خلاف هذا لحناً، وأنه لم يرد إلا في قول زياد: وكم موطن لولاي وإلا قيس جعل الياء ضمير نصب أو جر قام مقام ضمير الرفع وسيبويه جعله ضمير جر.
ولما لم يتضمن كلامهم سوى قضية واحدة ذكر الجواب عنها بقوله تعالى:
﴿قال الذين استكبروا﴾ على طريق الاستئناف ﴿للذين استضعفوا﴾ رداً عليهم وإنكاراً لقولهم إنهم هم الذين صدوهم ﴿أنحن﴾ خاصة ﴿صددناكم﴾ أي: منعناكم ﴿عن الهدى بعد إذ جاءكم﴾ أي: على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام لم نفعل ذلك؛ لأن المانع ينبغي أن يكون أرجح من المقتضى حتى يعمل عمله، والذي جاء به الرسل هو الهدى والذي صدر من المستكبرين لم يكن شيئاً يوجب الامتناع من قبول ما جاؤوا به فلم يصح تعلقكم بالمانع، وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار الذال عند الجيم، والباقون بالإدغام وأمال الألف بعد الجيم حمزة وابن ذكوان وفتحها الباقون، وكذا الإظهار والإدغام في ﴿إذ تأمروننا﴾ (سبأ: ٢٣)
وإذا وقف حمزة على ﴿جاءكم﴾ سهل الهمزة مع المد والقصر، وله أيضاً إبدالها ألفاً مع المد والقصر ﴿بل كنتم﴾ أي: جبلة وخلقاً ﴿مجرمين﴾ أي: كافرين لاختياركم لأقوالنا وتسويلنا.
فإن قيل: إذ وإذا من الظروف الملازمة للظرفية فلم وقعت إذ مضافاً إليها؟
أجيب: بأنه قد اتسع في الزمان ما لم يتسع في غيره فأضيف إليها الزمان كما أضيف إلى الجمل في قولك: جئتك بعد إذ جاء زيد وحينئذٍ ويومئذٍ.
ولما أنكر المستكبرون بقولهم: ﴿أنحن صددناكم﴾ أن يكونوا هم السبب في كفر المستضعفين واثبتوا بقولهم ﴿بل كنتم مجرمين﴾ أن
الجنة فيدخلها» وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد الساعدي أنّ رسول الله ﷺ قال: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة» قال القرطبي: قال علماؤنا: والمعنى تعلق العلم الأزلي بكل معلوم فيجري ما علم وأراد وحكم، فقد يريد إيمان شخص على عموم الأحوال، وقد يريده إلى وقت معلوم، وكذلك الكفر.
وقيل: في الكلام محذوف، تقديره: فمنكم مؤمن ومنكم كافر ومنكم فاسق فحذف لما في الكلام من الدلالة عليه، قاله الحسن. وقال غيره: لا حذف لأنّ المقصود ذكر الطرفين، وقيل: إنه خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا، والتقدير: هو الذي خلقكم، ثم وصفهم فقال: ﴿فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ كقوله تعالى: ﴿والله خلق كل دابة من ماء﴾ (النور: ٤٥)
ثم قال تعالى: ﴿فمنهم من يمشي على بطنه﴾ (النور: ٤٥)
الآية. قالوا: فإنه خلقهم والمشي فعلهم، وهذا اختيار الحسين بن الفضل، قال: لو خلقهم مؤمنين وكافرين لما وصفهم بفعلهم في قوله تعالى: ﴿فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ واحتجوا بقوله ﷺ «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» قال البغوي: وروينا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله ﷺ «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع على الكفر» وقال تعالى: ﴿ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً﴾ (نوح: ٢٧)
وروى أنس رضى الله عنه عن النبيّ ﷺ أنه قال: «وكل الله بالرحم ملكاً، فيقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها، قال: يا رب ذكر أم أنثى، شقي أم سعيد، فما الرزق، فما الأجل، فيكتب ذلك في بطن أمه» وقال الضحاك: فمنكم كافر في السرّ مؤمن في العلانية كالمنافق، ومنكم مؤمن في العلانية والسرّ، كعمار وزيد. وقال عطاء بن أبي رباح: فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب، ومنكم مؤمن بالله كافر بالكواكب، يعني: في شأن الأنواء كما جاء في الحديث. قال القرطبي: وقال الزجاج: وهو أحسن الأقوال.
والذي عليه الأئمة أن الله خلق الكافر وكفره فعل له، وكسب واختيار، وخلق المؤمن وإيمانه فعل له، وكسب واختيار وكسبه واختياره بتقدير الله ومشيئته، فالمؤمن بعد خلق الله إياه يختار الإيمان لأنّ الله تعالى أراد ذلك منه وقدّره عليه وعلمه منه، والكافر بعد خلق الله إياه يختار الكفر لأنّ الله تعالى قدره عليه وعلمه منه، ولا يجوز أن يوجد من كل منهما غير الذي قدره عليه وعلمه منه، لأنّ وجود خلاف المقدور عجز، ووجود خلاف المعلوم جهل فلا يليقان بالله تعالى. قال البغوي: وهذا طريق أهل السنة، من سلكه أصاب الحق وسلم من الجبر والقدر.
قال الرازي: فإن قيل: إنه تعالى حكيم وقد سبق في علمه أنه تعالى إذا خلقهم لم يفعلوا إلا الكفر فأيّ حكمة دعت إلى خلقهم؟.
فالجواب: إذا علمنا أنه تعالى حكيم علمنا أنّ أفعاله كلها على وفق الحكمة فيكون خلقه تعالى هذه الطائفة على وفق الحكمة، ولا يلزم من عدم علمنا بذلك أن لا يكون كذلك، بل اللازم أن يكون خلقهم على وفق الحكمة ﴿والله﴾ أي: الذي له الإحاطة الكاملة ﴿بما تعملون﴾ أي: توقعون عمله كسباً ﴿بصير﴾ أي: بالغ العلم بذلك، فهو الذي خلق جميع أعمالكم التي نسب كسبها إليكم، وهو خالق جميع الاستعدادات والصفات كما خلق الذوات خلافاً للقدرية، لأنه لا يتصور أن يخلق


الصفحة التالية
Icon