تناهوا إليه ثم تبعوه، وقيل: نزل رسول الله ﷺ منزلاً وتفرق الناس في العضاء يستظلون بها فعلق رسول الله ﷺ سلاحه بشجرة فجاء أعرابي فسل سيف رسول الله ﷺ ثم أقبل عليه فقال: من يمنعك مني؟ قال: «الله» فأسقطه جبريل من يده فأخذه رسول الله ﷺ وقال: «من منعك مني؟» فقال: لا أحد أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله فنزلت.
﴿إذ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم﴾ ليفتكوا بكم يقال: بسط إليه لسانه إذا شتمه وبسط إليه يده إذا بطش به قال تعالى: ﴿ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء﴾ (الممتحنة، ٢) ومعنى بسط اليد مدّها إلى المبطوش به، ألا ترى إلى قولهم: فلان بسيط الباع ومديد الباع بمعنى ﴿فكف أيديهم عنكم﴾ أي: منعها أن تمد إليكم ورد مضرتها عنكم ﴿واتقوا الله﴾ في جميع أموركم ﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ فإنه الكافي لإيصال الخير ودفع الشر.
﴿ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل﴾ أي: العهد الموثق بما أخذ عليكم من السمع والطاعة ﴿وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً﴾ أي: شاهداً على كل سبط نقيب يكفلهم بالوفاء بما عليهم الوفاء به كما بعثنا منكم ليلة العقبة اثني عشر نقيباً وأخذنا منكم الميثاق على ما به كمال الإسلام والنقيب الذي ينقب عن أحوال القوم كما قيل له: عريف لأنه يتعرّفها ومن ذلك المناقب وهي الفضائل لأنها لا تظهر إلا بالتنقيب عنها.
روي أنّ بني إسرائيل لما استقروا بمصر بعد هلاك فرعون أمرهم الله تعالى بالمسير إلى أريحاء بالمدّ أرض الشام وكان سكنها الكنعانيون الجبابرة وقال: إني كتبتها لكم داراً وقراراً فاخرجوا إليها وجاهدوا فيها، وإني ناصركم وأمر موسى صلوات الله وسلامه عليه أن يأخذ من كل سبط نقيباً يكون كفيلاً على قومه بالوفاء بما أمروا به يوثقه عليهم واختار النقباء وأخذ الميثاق على بني إسرائيل وتكفل له بهم النقباء وسار بهم، فلما دنا من أرض كنعان بعث النقباء يتجسسون فرأوا إجراماً عظيماً وقوّة وشوكة فهابوا ورجعوا وحدّثوا قومهم، وقد نهاهم موسى عليه السلام أن يحدّثوهم فنكثوا الميثاق إلا كالب بن يوفنا من سبط يهودا ويوشع بن نون من سبط افراثيم بن يوسف وكانا من النقباء ﴿وقال﴾ لهم ﴿الله إني معكم﴾ أي: بالعون والنصرة ﴿لإن﴾ لام قسم ﴿أقمتم الصلاة﴾ التي هي وصلة العبد والخالق بجميع شروطها وأركانها وآتيتم الزكاة التي تقرّب العبد إلى الله عز وجلّ ﴿وآمنتم برسلي﴾ أي: بجميع الرسل ﴿وعزرتموهم﴾ أي: نصرتموهم وقيل: التعزير التعظيم وقيل: هو الثناء بخير قاله يونس وهو قريب من الثاني.
فإن قيل: لم أخرّ الإيمان بالرسل عن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع أنه مقدّم عليهما؟ أجيب: بأنّ اليهود كانوا مقرّين بأنه لا بدّ في حصول النجاة من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة إلا أنهم كانوا مصرّين على تكذيب بعض الرسل فذكر أنّ بعد إقام الصلاة وإيتاء الزكاة لا بدّ من الإيمان بجميع الرسل حتى يحصل المقصود وإلا لم يكن لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة تأثير في حصول النجاة بدون الإيمان بجميع الرسل.
فإن قيل: قوله تعالى: ﴿وأقرضتم الله قرضاً حسناً﴾ داخل تحت إيتاء الزكاة فما فائدة إعادته؟ أجيب: بأنّ المراد بالزكاة الواجبة وبالقرض الصدقة المندوبة وخصها تنبيهاً على شرفها وقرضاً يحتمل المصدر والمفعول به،
في عنقه وجعلوا يقودونه في سكك المدينة حتى سمع من فيها فقيل أخذ رجل عنده كنز واجتمع عليه أهل المدينة صغيرهم وكبيرهم فجعلوا ينظرون إليه ويقولون: والله ما هذا الفتى من أهل هذه المدينة وما رأيناه قط، وما نعرفه فجعل تمليخا ما يدري ما يقول لهم، فلما اجتمع عليه أهل المدينة وكان متيقناً أنّ أباه وإخوته في المدينة وأنه من عظماء أهلها وأنهم سيأتونه إذا سمعوا به، فبينما هو قائم كالحيران ينظر متى يأتيه بعض أهله فيخلصه من بين أيديهم إذ اختطفوه وانطلقوا به إلى رئيسي المدينة ومدبريها اللذين يدبران أمرها وهما رجلان صالحان اسم أحدهما أريوس واسم الآخر أسطيوس، فلما انطلقوا به إليهما ظنّ تمليخا أنه ينطلق به إلى دقيانوس الجبار فجعل يلتفت يميناً وشمالاً وجعل الناس يسخرون منه كما يسخرون من المجنون وجعل تمليخا يبكي ويرفع رأسه إلى السماء.
وقال: اللهمّ إله السماء وإله الأرض أفرغ اليوم عليّ صبراً وأولج معي روحاً منك تؤيدني بها عند هذا الجبار وجعل يقول في نفسه: فرّق ما بيني وبين إخوتي يا ليتهم يعلمون ما لقيت ويا ليتهم يأتوني فنقوم جميعاً بين يدي هذا الجبار فإنا كنا توافقنا على الإيمان بالله سبحانه وتعالى وأنّ لا نشرك به شيئاً ولا نفترق في حياة ولا موت، فلما انتهى به إلى الرجلين الصالحين ورأى أنه لم يذهب به إلى دقيانوس أفاق وسكن عنه البكاء فأخذ أريوس وأسطيوس الورق فنظرا إليها وعجبا منها ثم قال أحدهما: أين الكنز الذي وجدت يا فتى؟ فقال تمليخا: ما وجدت كنزاً ولكن هذا ورق أبائي ونقش المدينة وضربها ولكن والله ما أدري ما شأني وما أقول لكم فقال أحدهما: ممن أنت؟ فقال تمليخا: أمّا أنا فكنت أرى أني من أهل هذه المدينة قالوا: فمن أبوك؟ ومن يعرفك بها؟ فأنبأهم باسم أبيه فلم يجدوا أحداً يعرفه ولا أباه فقال له: أحدهما أنت رجل كذاب لا تأتينا بالحق فلم يدر تمليخا ما يقول لهم غير أنه نكس بصره إلى الأرض، فقال بعض من حوله: هذا رجل مجنون. وقال بعضهم: ليس بمجنون ولكنه يحمق نفسه عمداً حتى ينفلت منكم.
فقال له أحدهما ونظر إليه نظراً شديداً: أتظنّ انا نرسلك ونصدّقك بأن هذا مال أبيك ونقش هذه الورق وضربها أكثر من ثلاثمئة سنة، وأنت غلام شاب وتظنّ أنك تأفكنا وتسخر بنا ونحن شيوخ وشمط كما ترى وحولك سراة هذه المدنية وولاة أمرها وخزائن هذه البلدة بأيدينا وليس عندنا من هذا الضرب درهم ولا دينار وإني لأظنني سآمر بك فتعذب عذاباً شديداً ثم أوثقك حتى تعترف بهذا الكنز الذي وجدته، فلما قال ذلك قال لهم تمليخا: أنبئوني عن شيء أسألكم عنه فإن فعلتم صدّقتكم عما عندي فقالوا: سل لا نكتمك شيئاً.
قال: ما فعل الملك دقيانوس؟ قالوا: ليس نعرف اليوم على وجه الأرض ملكاً يسمى دقيانوس ولم يكن إلا ملكاً هلك منذ زمان ودهر طويل، وهلكت بعده قرون كثيرة. فقال تمليخا: إني إذا لحيران وما هو بمصدّقي أحد من الناس بما أقول لقد كنا فتية وإن الملك أكرهنا على عبادة الأوثان والذبح للطواغيت فهربنا منه عشية أمس فنمنا فلما انتبهنا خرجت لأشتري طعاماً وأتجسس الأخبار فإذا أنا كما ترون فانطلقوا معي إلى الكهف الذي في جبل بنجلوس أريكم أصحابي فلما سمع أريوس ما يقول تمليخا قال: يا قوم لعلّ هذه آية من آيات الله تعالى جعلها الله تعالى لكم على يد هذا الغلام فانطلقوا بنا معه ليرينا أصحابه فانطلق معه أريوس وأسطيوس
العبد المكلف لا إلى أعضائه، ولا يقال: ورد أن العين تزني وأن الفرج يزني وأن اليد كذلك؛ لأن معناه أن المكلف يزني بها لا أنها هي تزني، وأيضاً فإنا نقول: في رد شهادتها قبول شهادتها؛ لأنها إن كذبت في مثل ذلك اليوم مع ظهور الأمور لابد أن يكون مذنباً في الدنيا وإن صدقت في ذلك اليوم فقد صدر منها الذنب في الدنيا، وهذا كمن قال لفاسق: إن كذبت في نهار هذا اليوم فعبدي حر فقال الفاسق: كذبت في نهار هذا اليوم عتق العبد؛ لأنه إن صدق في قوله: كذبت في نهار هذا اليوم فقد وجد الشرط ووقع الجزاء، وإن كذب في قوله كذبت فقد كذب في نهار ذلك اليوم فقد وجد الشرط أيضاً بخلاف ما لو قال في اليوم الثاني: كذبت في نهار ذلك اليوم الذي علقت عتق عبدك على كذبي فيه، ثم بين سبحانه وتعالى أنه قادر على إذهاب الأبصار كما هو قادر على إذهاب البصائر بقوله تعالى:
﴿ولو نشاء﴾ وعبر بالمضارع ليتوقع في كل حين فيكون أبلغ في التهديد ﴿لطمسنا على أعينهم﴾ أي: الظاهرة بحيث لا يبدو لها جفن ولا شق وهو معنى الطمس كقوله تعالى ﴿ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم﴾ (البقرة: ٢٠)
يقول: إنا أعمينا قلوبهم ولو شئنا أعمينا أبصارهم الظاهرة وقوله تعالى ﴿فاستبقوا الصراط﴾ أي: ابتدروا الطريق ذاهبين كعادتهم عطف على لطمسنا ﴿فأنى﴾ أي: فكيف ﴿يبصرون﴾ الطريق حينئذ وقد أعمينا أعينهم أي: لو نشاء لأضللناهم عن الهدى وتركناهم عمياً يترددون فلا يبصرون الطريق وهذا قول الحسن والسدي، وقال ابن عباس ومقاتل: معناه لو نشاء لطمسنا أعين ضلالتهم فأعميناهم عن غيهم وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فأبصروا رشدهم فأنى يبصرون ولم أفعل ذلك بهم.
ولما كان هذا كله مع القدرة على الحركة قال تعالى:
﴿ولو نشاء﴾ أي: مسخهم ﴿لمسخناهم﴾ أي: حولناهم عن تلك الحالة فجعلناهم حجارة أو جعلناهم قردة وخنازير.
ولما كان المقصود من المفاجأة بهذه المصائب بيان أنه سبحانه لا كلفة عليه في شيء من ذلك قال تعالى ﴿على مكانتهم﴾ أي: المكان الذي كان قبل المسخ كل شخص منهم شاغلاً له بجلوس أو قيام أو غيره في ذلك الموضع خاصة قبل أن يتحرك منه، وقرأ شعبة بألف بعد النون على الجمع، والباقون بغير ألف على الإفراد ﴿فما استطاعوا﴾ أي: بأنفسهم بنوع معالجة ﴿مضيا﴾ أي: إلى جهة من الجهات ثم عطف على جملة الشرط قوله تعالى ﴿ولا يرجعون﴾ أي: يتجدد لهم بوجه من الوجوه رجوع إلى حالتهم التي كانت قبل المسخ دلالة على أن هذه الأمور حق لا كما يقولون من أنها خيال وسحر قيل: لا يقدرون على ذهاب ولا رجوع.
﴿ومن نعمره﴾ أي: نطل عمره إطالة كثيرة ﴿ننكسه﴾ قرأه عاصم وحمزة بضم النون الأولى وفتح النون الثانية وتشديد الكاف مكسورة من نكسه مبالغة، والباقون بفتح النون الأولى وسكون الثانية وتخفيف الكاف مضمومة من نكسه وهي محتملة للمبالغة وعدمها ومعنى ننكسه: ﴿في الخلق﴾ أي: خلقه نرده إلى أرذل العمر يشبه الصبي في الخلق، وقيل: ننكسه في الخلق أي: ضعف جوارحه بعد قوتها ونقصانها بعد زيادتها؛ لأن الله تعالى أجرى العادة في النوع الآدمي أن من استوفى سن الصبا والشباب اثنتين وأربعين سنة حسمت غرائزه فلا تزيد فيه غريزة ووقفت قواه كلها فلم يزد فيها شيء هذا
على منع الزكاة فاغتروا بالمال والقوة، قال لهم أوسطهم: توبوا عن هذه المعصية قبل نزول العذاب، فلما رأوا العذاب ذكرهم أوسطهم كلامه الأول وقال: ﴿ألم أقل لكم لولا تسبحون﴾ فحينئذ اشتغلوا بالتوبة بأن.
﴿قالوا﴾ أي: من غير تلعثم بما عاد عليهم من بركة أبيهم ﴿سبحان ربنا﴾ أي: تنزه المحسن إلينا التنزيه الأعظم أن يكون وقع منه فيما فعل بنا ظلم، وأكدوا قباحة فعلهم هضماً لأنفسهم وخضوعاً لربهم وتحقيقاً لتوبتهم بقولهم: ﴿إنا كنا﴾ أي: بما في جبلاتنا من الفساد ﴿ظالمين﴾ أي: مجاوزين الحدود فيما فعلنا من التقاسم على منع المساكين وعلى جذها في الصباح من غير استثناء.
﴿فأقبل بعضهم﴾ أي: في الحال مبادرة في الخضوع ﴿على بعض يتلاومون﴾ أي: يلوم بعضهم بعضاً يقول هذا لهذا: أنت أشرت علينا بهذا الرأي، ويقول ذلك لهذا: أنت الذي خوفتنا بالفقر. ويقول الثالث لغيره: أنت رغبتني في جمع المال.
ثم نادوا على أنفسهم بالويل بأن ﴿قالوا﴾ منادين لما شغلهم قربه منهم وملازمته لهم عن كل شيء ﴿يا ويلنا﴾ أي: هذا وقت حضورك أيها الويل إيانا ومنادمتك لنا، فإنه لا نديم لنا الآن غيرك، والويل الهلاك والإشراف عليه ﴿إنا كنا﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿طاغين﴾ أي: عاصين بمنع حق الفقراء وترك الاستثناء. وقال ابن كيسان: طاغين نعم الله فلم نشكرها كما شكرها آباؤنا من قبل.
ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا ﴿عسى ربنا﴾ أي: الذي أحسن إلينا بتربية هذه الجنة وإهلاك ثمرها الآن تأديباً لنا ﴿أن يبدلنا﴾ من جنتنا شيئاً ﴿خيراً منها﴾ يقيم لنا أمر معايشنا فتنقلب أحوالنا هذه التي نحن فيها من الهموم والبذاذة بسرور ولذاذة، وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الباء الموحدة وتشديد الدال والباقون بسكون الموحدة وتخفيف الدال ﴿إنا إلى ربنا﴾ أي: المحسن إلينا والمربي لنا بالإيجاد، ثم الإبقاء خاصة لا إلى غيره ﴿راغبون﴾ أي: ثابتة رغبتنا ورجاؤنا الخير والإكرام. وقد قيل: إن الله تعالى قبل رجوعهم وأخلف عليهم فأبدلهم جنة يقال لها الحيوان، كان القطف الواحد منها يحمله وحده من كبره البغل، رواه البغوي عن ابن مسعود، وقال أبو خالد اليماني: دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم، وقال الحسن: قول أهل الجنة ﴿إنا إلى ربنا راغبون﴾ لا أدري إيماناً كان ذلك منهم أو على حدّ ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة فتوقف في كونهم مؤمنين، وسئل قتادة عن أصحاب الجنة أهم من أهل الجنة أم من أهل النار؟ قال: لقد كلفتني تعباً، والأكثرون يقولون: إنهم تابوا وأخلصوا حكاه القشيري.
ولما كان المقام لترهيب من ركن إلى ماله واحتقر الضعفاء من عباد الله تعالى ولم يجلهم بجلاله طوى ذكر ما أنعم به عليهم وذكر ما يخوفهم، فقال تعالى مرهباً:
﴿كذلك﴾ أي: مثل هذا الذي بلونا به أصحاب الجنة من إهلاك ما كان عند أنفسهم في غاية القدرة عليه والثقة به مع الاستحسان لفعلهم والاستصواب، وهددنا به أهل مكة فلم يبادروا إلى المتاب. ﴿العذاب﴾ أي: الذي نحذرهم منه ونخوفهم به في الدنيا، فإذا تم الأجل الذي قدرناه له أخذناهم به غير مستعجلين ولا مفرطين لأنه لا يعجل إلا ناقص يخاف الفوت ﴿ولعذاب الآخرة﴾ أي: الذي يكون فيها للعصاة ﴿أكبر﴾ أي: من كل ما يتوهمون ﴿لو كانوا﴾ أي: الكفار ﴿يعلمون﴾ أي: لو كان لهم علم بشيء من غرائزهم في وقت من الأوقات لرجعوا عما هم فيه.
ولما ذكر


الصفحة التالية
Icon