فلا إثم شرط لهذا الحلف شرطاً فقال اعتراضاً بين القسم والمقسم عليه ﴿إن ارتبتم﴾ أي: شككتم فيما أخبرا به عن الواقعة ثم ذكر المقسم عليه بقوله: ﴿لا نشتري به ثمناً﴾ أي: بهذا الذي ذكرناه ثمناً أي: لم نذكره ليحصل لنا به غرض دنيوي وإن كان في نهاية الجلالة وليس قصدنا به إلا إقامة الحق ﴿ولو كان﴾ أي: القسم له ﴿ذا قربى﴾ أي: لنا ﴿ولا نكتم شهادة الله﴾ أي: التي أمرنا بإقامتها ﴿إنا إذا﴾ أي: إذا كتمناها ﴿لمن الآثمين﴾.
﴿فإن عثر﴾ أي: اطلع بعد حلفهما ﴿على أنهما استحقا إثماً﴾ أي: فعلاً ما يوحيه من خيانة أو كذب في الشهادة بأن وجد عندها مثلاً ما اتهما به وادعيا أنهما ابتاعاه من الميت أو وصى لهما به ﴿فآخران﴾ أي: فشاهدان آخران ﴿يقومان مقامهما﴾ أي: في توجيه اليمين عليهما ﴿من الذين استحق عليهم﴾ الوصية وهم الورثة على قراءة غير حفص بضم التاء وكسر الحاء على البناء للمفعول وعلى البناء للفاعل فهو الأوليان ويبدل من آخران ﴿الأوليان﴾ بالميت أي: الأقربان إليه، وقرأ حمزة وشعبة بتشديد الواو وكسر اللام وبسكون الياء وفتح النون على الجمع على أنه صفة للذين أو بدل منه أي: من الأوّلين الذين استحق عليهم والباقون بسكون الواو وفتح اللام والياء وألف بعد الياء وكسر النون على التثنية على أنه بدل من آخران كما مرّ أو خبر محذوف أي: هما الأوليان ﴿فيقسمان﴾ أي: هذان الآخران ﴿با﴾ ويقولان ﴿لشهادتنا﴾ أي: يميننا ﴿أحق﴾ أي: أصدق ﴿من شهادتهما﴾ أي: يمينهما ﴿وما اعتدينا﴾ أي: تجاوزنا الحق في اليمين ﴿إنا إذا﴾ أي: إذا وقع منا اعتداء ﴿لمن الظالمين﴾ أي: الواضعين الشيء في غير موضعه.
ومعنى الآيتين: أن المحتضر إذا أراد الوصية ينبغي أن يشهد عدلين من ذوي نسبه أو دينه على وصيته أو يوصي إليهما احتياطاً فإن لم يجدهما بأن كان في سفر فآخران من غيرهم ثم إن وقع نزاع وارتياب أقسما على صدق ما يقولان بالتغليظ في الوقت، فإن اطلع على أنهما كذبا بأمارة أو مظنة حلف آخران من أولياء الميت والحكم منسوخ إن كان الاثنان شاهدين فإن الشاهد لا يحلف ولا تعارض يمينه بيمين الوارث، وثابت إن كانا وصيين وردّ اليمين إلى الورثة إمّا لظهور خيانة الوصيين فإنّ تصديق الوصي باليمين لأمانته أو لتغيير الدعوى وتخصيص الحلف في الآية باثنين من أقرب الورثة لخصوص الواقعة التي نزلت لها، وهي ما روي أنّ رجلاً من بني سهم خرج مع تميم الداري وعدي بن زيد إلى الشام للتجارة وكانا حينئذٍ نصرانيين ومعهما بديل مولى عمرو بن العاص وكان مسلماً فلما قدموا الشام مرض بديل فدوّن ما معه في صحيفة وطرحها في متاعه ولم يخبرهما بها وأوصى إليهما بأن يدفعا متاعه إلى أهله ومات ففتشاه وأخذا منه إناء من فضة فيه ثلثمائة مثقال منقوشاً بالذهب ثم قضيا حاجتهما وانصرفا إلى المدينة ودفعا المتاع إلى أهل الميت ففتشوا فأصابوا الصحيفة فيها تسمية ما كان معه فجاءوا تميماً وعدياً فقالوا: هل باع صاحبنا شيئاً؟ قالا: لا قالوا: هل اتجر تجارة قالا: لا قالوا: فهل طال مرضه فأنفق على نفسه؟ قالا لا قالوا: فإنا وجدنا في متاعه صحيفة فيها تسمية ما معه وإنا فقدنا منها إناء من فضة مموّهاً بالذهب ثلثمائة مثقال من فضة قالا: ما ندري إنما أوصى لنا بشيء وأمرنا أن ندفعه لكم فدفعناه وما لنا علم بالإناء فاحتصموا إلى رسول الله ﷺ فاجترآ على الإنكار وحلفا فأنزل تعالى الله: ﴿يأيها الذين آمنوا﴾ الآية فلما نزلت هذه
﴿فله﴾ في الدارين ﴿جزاء الحسنى﴾ أي: الجنة، وقرأ حفص وحمزة والكسائي بفتح الهمزة بعد الزاي منوّنة وتكسر في الوصل لالتقاء الساكنين، قال الفراء: نصبه على التفسير أي: لجهة النسبة، وقيل: منصوب على الحال أي: فله المثوبة الحسنى مجزياً بها، والباقون بضم الهمزة من غير تنوين فالإضافة للبيان، قال المفسرون: والمعنى على قراءة النصب فله الحسنى جزاء كما تقول له هذا الثوب هبة، وعلى قراءة الرفع وجهان، الأول: فله جزاء الفعلة الحسنى والفعلة الحسنى هي الإيمان والعمل الصالح، والثاني: فله جزاء المثوبة الحسنى وإضافة الموصوف إلى الصفة مشهورة كقوله: ولدار الآخرة، وأمال ألف الحسنى حمزة والكسائي محضة وأبو عمرو بين بين وورش بالفتح والإمالة بين بين ﴿وسنقول﴾ بوعد لا خلف فيه بعد اختباره بالأعمال الصالحة ﴿له﴾ أي: لأجله ﴿من أمرنا﴾ أي: ما نأمره به ﴿يسراً﴾ أي: قولاً غير شاق من الصلاة والزكاة والخراج والجهاد وغيرها وهو ما يطيقة ولا يشق عليه مشقة كثيرة
﴿ثم أتبع﴾ لإرادة طلوع مشرق الشمس ﴿سبباً﴾ من جهة الجنوب يوصله إلى المشرق واستمر فيه لا يمل ولا تغلبه أمة مرّ عليها
﴿حتى إذا بلغ﴾ في مسيره ذلك ﴿مطلع الشمس﴾ أي: الموضع الذي تطلع عليه أولاً من المعمور من الأرض ﴿وجدها تطلع على قوم﴾، قال الجلال المحلى: هم الزنج وقوله تعالى: ﴿لم نجعل لهم من دونها﴾ أي: الشمس ﴿ستراً﴾ فيه قولان، الأول: أنه لا شيء لهم من سقف ولا جبل يمنع من وقوع شعاع الشمس عليهم لأن أرضهم لا تحمل بنياناً، قال الرازي: ولهم سروب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويظهرون عند غروبها فيكونون عند طلوع الشمس يتعذر عليهم التصرّف في المعاش وعند غروبها يشتغلون بتحصيل مهمات المعاش وأحوالهم بالضدّ من أحوال سائر الخلق، وقال قتادة: يكونون في أسراب لهم حتى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا فرعوا كالبهائم، والثاني: أن معناه لا ثياب لهم ويكونون كسائر الحيوانات عراة أبداً وفي كتب الهيئة أن أكثر حال الزنج كذلك وحال كل من سكن البلاد القريبة من خط الاستواء، كذلك قال الكلبي: هم عراة يفرش أحدهم إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى، وقال الزمخشري وعن بعضهم قال: خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء القوم فقيل: بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم وإذا أحدهم يفرش إحدى أذنيه ويلبس الأخرى، فلما قرب طلوع الشمس سمعت صوتاً كهيئة الصلصلة فغشى عليّ ثم أفقت فلما طلعت الشمس فإذا هي فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلوني سربالهم فلما ارتفع النهار جعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج لهم، وعن مجاهد من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس أكثر من جميع أهل الأرض وقوله تعالى:
﴿كذلك﴾ فيه وجوه؛ الأول: أن معناه كما بلغ مغرب الشمس كذلك بلغ مطلعها، الثاني: أن أمره كما وصفناه من رفعة المكان وبسطة الملك، قال البغوي: والصحيح أن معناه كما حكم في القوم الذين هم عند غروب الشمس كذلك في القوم الذين هم عند مطلعها ﴿وقد أحطنا بما لديه﴾ أي: عند ذي القرنين من الآلات والجند وغيرهما ﴿خبراً﴾ أي: علماً تعلق بظواهره وخفاياه والمعنى أن كثرة ذلك بلغت مبلغاً لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير
﴿ثم﴾ إن ذا القرنين لما بلغ المغرب والمشرق
قيل: المراد بالصيحة عذاب يفجؤهم ويجيئهم دفعة واحدة كما يقال: صاح الزمان بهم إذا هلكوا قال الشاعر:

*صاح الزمان بآل برمك صيحة خروا لشدتها على الأذقان*
ونظيره قوله تعالى: ﴿فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم﴾ (يونس: ١٠٢)
الآية. وقرأ حمزة والكسائي: ﴿ما لها﴾ أي: الصيحة ﴿من فواق﴾ بضم الفاء، والباقون بفتحها، وهما لغتان بمعنى واحد وهو الزمان الذي بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع والمعنى: ما لها من توقف قدر فواق ناقة، وفي الحديث: «العبادة قدر فواق ناقة» وهذا في المعنى كقوله تعالى: ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾ (الأعراف: ٣٤)
وقال ابن عباس: ما لها من رجوع من أفاق المريض إذا رجع إلى صحته وإفاقة الناقة ساعة يرجع اللبن إلى ضرعها يقال: أفاقت الناقة تفيق إفاقة، رجعت واجتمعت الفيقة في ضرعها، والفيقة اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، وهو أن يحلب الناقة ثم يترك ساعة حتى يجتمع اللبن فما بين الحلبتين فواق أي: العذاب لا يمهلهم بذلك القدر.
﴿وقالوا﴾ أي: كفار مكة استهزاءً لما نزل قوله تعالى في الحاقة: ﴿فأما من أوتي كتابه بيمينه﴾ (الحاقة: ١٩)
﴿وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ (الحاقة: ٢٥)
﴿ربنا﴾ أي: يا أيها المحسن إلينا ﴿عجل لنا قطنا﴾ أي: كتاب أعمالنا في الدنيا ﴿قبل يوم الحساب﴾ وقال سعيد بن جبير: يعنون حظنا ونصيبنا من الجنة التي تقول، وقال مجاهد والسدي: يعنون عقوبتنا ونصيبنا من العذاب، قال عطاء: قاله النضر ابن الحارث وهو قوله: ﴿إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء﴾ (الأنفال: ٣٢)
وقال مجاهد: قطنا حسابنا، يقال لكتاب الحساب: قط، وقال أبو عبيدة والكسائي: القط الكتاب بالجوائز ويجمع على قطوط وقططة، كقرد وقرود وقردة، وفي القلة على أقطة وأقطاط، كقدح وأقدحة وأقداح، إلا أن أفعلة في فعل شاذ.
ولما أن القوم تعجبوا من أمور ثلاثة أولها: من أمر النبوات وإثباتها كما قال تعالى: ﴿وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب﴾ (ص: ٤)
وثانيها: تعجبهم من الإلهيات فقالوا ﴿أجعل الآلهة إلهاً واحداً﴾ وثالثها: تعجبهم من المعاد والحشر والنشر فقالوا: ﴿ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب﴾ قالوا ذلك استهزاء أمر الله تعالى نبيه عليه السلام بالصبر فقال سبحانه:
وأشار بحرف الاستعلاء إلى عظيم الصبر فقال ﴿على ما يقولون﴾ أي: على ما يقول الكافرون من ذلك، ثم إنه تعالى لما أمر نبيه بالصبر ذكر قصص الأنبياء عليهم السلام تسلية له فكأنه تعالى قال: فاصبر على ما يقولون واعتبر بحال سائر الأنبياء ليعلمه أن كل واحد منهم كان مشغولاً بهم خاص، وحزن خاص، فيعلم حينئذ أن الدنيا لا تنفك عن الهموم والأحزان وأن استحقاق الدرجات العالية عند الله تعالى لا يحصل إلا بتحمل المشاق والمتاعب في الدنيا.
وبدأ من ذلك بقصة داود عليه السلام فقال تعالى: ﴿واذكر عبدنا﴾ أي: الذي أخلصناه لنا وأخلص نفسه للنظر إلى عظمتنا والقيام في خدمتنا وأبدل منه أو بينه بقوله تعالى: ﴿داود ذا الأيد﴾ قال ابن عباس: أي: القوة في العبادة، روي عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله ﷺ «أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه» وقيل: ذا القوة في الملك ووصفه
كوناً هو كالجبلة ﴿طرائق قدداً﴾ أي: جماعات متفرّقين وأصنافاً مختلفة، قال سعيد بن المسيب: معنى الآية كنا مسلمين ويهوداً ونصارى ومجوساً، وقال الحسن والسدّي: الجنّ أمثالكم فمنهم قدرية ومرجئة ورافضة وخوارج وشيعة وسنية. وقال ابن كيسان: شيعاً وفرقاً لكل فرقة هوى كأهواء الناس. وقال سعيد بن جبير: ألواناً شتى. وقال أبو عبيدة: أصنافاً وقيل: منا الصالحون ومنا المؤمنون، لم يتناهوا في الصلاح.
قال القرطبي: والأوّل أحسن لأنه كان في الجنّ من آمن بموسى وعيسى، وقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا: ﴿إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه﴾ وهذا يدل على إيمان قوم منهم بالتوراة.
تنبيه: القدد جمع قدة والمراد بها الطريقة وأصلها السيرة، يقال: قدة فلان حسنة، أي: سيرته وهو من قدّ السير، أي: قطعه، فاستعير للسيرة المعتدلة. قال الشاعر:
*القابض الباسط الهادي بطلعته في فتنة الناس إذ أهواؤهم قدد*
وقال لبيد يرثي أخاه:
*لم تبلغ العين كل نهمتها يوم تمشي الجياد بالقدد*
والقد بالكسر سير يقد من جلد غير مدبوغ، ويقال: ما له قد ولا قحف، فالقد إناء من جلد والقحف إناء من خشب.
﴿وأنا ظننا أن لن نعجز الله﴾ أي: وإنا علمنا وتيقنا بالتفكر والاستدلال في آيات الله أنا في قبضة الملك وسلطانه لن نفوته بهرب ولا غيره لما له من الإحاطة بكل شيء علماً وقدرة لأنه واحد لا مثل له.
تنبيه: أطلقوا الظنّ على العلم إشارة إلى أنّ العاقل ينبغي له أن يتجنب ما يتخيله ضاراً ولو بأدنى أنواع التخيل، فكيف إذا تيقن. وقولهم ﴿في الأرض﴾ حال، وكذلك هرباً في قولهم ﴿ولن نعجزه﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿هرباً﴾ فإنه مصدر في موضع الحال تقديره لا نفوته كائنين في الأرض أو هاربين منها إلى السماء، فليس لنا مهرب إلا في قبضته فأين أم إلى أين المهرب.
﴿وأنا لما سمعنا﴾ أي: من النبيّ ﷺ ﴿الهدى﴾ أي: القرآن الذي له من العراقة التامة في صفة البيان والدعاء إلى الخير ما سوّغ أن يطلق عليه نفس الهدى ﴿آمنا به﴾ وبالله وصدقنا محمداً ﷺ على رسالته وكان ﷺ مبعوثاً إلى الإنس والجنّ. قال الحسن: بعث الله تعالى محمداً ﷺ إلى الإنس والجن ولم يبعث الله تعالى قط رسولاً من الجن ولا من أهل البادية ولا من النساء، وذلك لقوله تعالى: ﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى﴾ (يوسف: ١٠٩)
وفي الصحيح: «وبُعثت إلى الأحمر والأسود» أي الإنس والجنّ، وفي إرساله إلى الملائكة خلاف قدّمنا الكلام عليه.
﴿فمن يؤمن بربه﴾ أي: المحسن إليه منا ومن غيرنا ﴿فلا﴾ أي: فهو خاصة لا ﴿يخاف بخساً ولا رهقاً﴾ قال ابن عباس: لا يخاف أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته لأن البخس النقصان والرهق العدوان وغشيان المحارم.
﴿وأنا منا﴾ أي: الجن ﴿المسلمون﴾ أي: المخلصون في صفة الإسلام ﴿ومنا القاسطون﴾ أي: الجائرون أي: وإنا بعد سماع القرآن مختلفون فمنا من أسلم ومنا من كفر، والقاسط الجائر لأنه عدل عن الحق، والمقسط العادل إلى الحق، قسط إذا جار، وأقسط إذا عدل فقسط الثلاثي بمعنى جار، وأقسط الرباعي بمعنى عدل.
وعن سعيد بن جبير: أنّ الحجاج قال له حين أراد قتله: ما تقول فيّ؟ قال: قاسط عادل. فقال القوم:


الصفحة التالية
Icon