لا تفلت منه والباسل الشجاع لامتناعه من قرنه وهذا بسل عليك أي: حرام ﴿ليس لها من دون الله﴾ أي: غيره ﴿وليّ﴾ أي: ناصر ﴿ولا شفيع﴾ يمنع عنها العذاب ﴿وإن تعدل﴾ أي: تلك النفس لأجل التوصل إلى الفكاك ﴿كل عدل﴾ أي: وإن تفدِ كل فداء والعدل الفدية لأنها تعادل المفدي ﴿لا يؤخذ منها﴾ ما تفدى به ﴿أولئك﴾ أي: الذين عملوا هذه الأعمال البعيدة عن الخير ﴿الذين أبسلوا﴾ أي: سلموا إلى العذاب ﴿بما كسبوا﴾ أي: بسبب أعمالهم القبيحة وعقائدهم الزائغة ﴿لهم شراب من حميم﴾ أي: ماء هو في غاية الحرارة ﴿و﴾ لهم ﴿عذاب أليم﴾ أي: مؤلم ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كانوا يكفرون﴾ أي: هم بين ماء يغلي يتجرجر في بطونهم ونار تشعل في أبدانهم بسبب كفرهم.
﴿قل﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين دعوك إلى دين آبائهم ﴿أندعو﴾ أي: نعبد ﴿من دون الله﴾ أي: غيره ﴿ما لا ينفعنا﴾ أي: بعبادته ﴿ولا يضرّنا﴾ أي: بتركها وهم الأصنام ﴿ونردّ على أعقابنا﴾ أي: نرجع إلى الشرك ﴿بعد إذ هدانا الله﴾ تعالى إلى التوحيد ودين الإسلام ﴿كالذي استهوته﴾ أي: أضلته ﴿الشياطين في الأرض﴾ حالة كونه ﴿حيران﴾ تائهاً ضالاً لا يهتدي لوجه ولا يدري كيف يسلك. وقرأ حمزة بعد الواو في استهوته بألف ممالة على التذكير، والباقون بالتاء على التأنيث، ورقق ورش راء حيران بخلاف عنه ﴿له﴾ أي: المستهوي ﴿أصحاب﴾ أي: رفقة ﴿يدعونه إلى الهدى﴾ أي: إلى الطريق المستقيم وسماه هدى تسمية للمفعول بالمصدر يقولون له: ﴿إئتنا﴾ فلا يجيبهم فيهلك والاستفهام للإنكار وجملة التشبيه للحال من ضمير نردّ وهذا مثل ضربه الله تعالى لمن يدعو إلى عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ومن يدعو إلى عبادة الله عز وجل الذي يضر وينفع يقول مثلهما كمثل رجل في رفقته ضل به الغيلان والشياطين عن الطريق المستقيم فجعل أصحابه من أهل رفقته يدعونه إليهم يقولون هلم إلى الطريق المستقيم وجعل الغيلان يدعونه إليهم فبقي حيران لا يدري أين يذهب فإن أجاب الغيلان ضل وهلك وإن أجاب أصحابه اهتدى وسلم ﴿قل﴾ لهم ﴿إنّ هدى الله﴾ الذي هو الإسلام ﴿هو الهدى﴾ وحده وما عداه ضلال ﴿وأمرنا لنسلم لرب العالمين﴾ أي: بأن نخلص العبادة له لأنه المستحق العبادة لا غيره وقوله تعالى:
﴿وأن أقيموا الصلاة واتقوه﴾ عطف على لنسلم أي: للإسلام ولإقامة الصلاة لأنّ فيهما ما يقرب إلى الله.
وروي أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر دعا أباه إلى عبادة الأوثان فنزلت، فإن قيل: إذا كان هذا وارداً في شأن أبي بكر رضي الله تعالى عنه فكيف قيل للرسول ﷺ قل أندعو؟ أجيب: بأن ذلك إظهار للاتحاد الذي كان بينه ﷺ وبين المؤمنين خصوصاً الصدّيق رضي الله تعالى عنه ﴿وهو الذي إليه﴾ لا إلى غيره بعد بعثكم من الموت ﴿تحشرون﴾ يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم.
﴿وهو الذي خلق السموات والأرض﴾ على عظمهما ﴿بالحق﴾ أي: بسبب إقامة الحق، وقيل: خلقهما بكلامه الحق الذي هو قوله تعالى: ﴿كن﴾ وهو دليل على أنّ كلام الله تعالى ليس بمخلوق لأنه لا يخلق مخلوق بمخلوق ﴿و﴾ اذكر ﴿يوم يقول﴾ الله للخلق ﴿كن فيكون﴾ أي: فهو يكون وهو يوم القيامة يقول بمخلق قوموا أحياء ﴿قوله﴾ تعالى: ﴿الحق﴾ أي: الصدق الواقع لا محالة ﴿وله الملك يوم ينفخ في الصور﴾ أي:
عن هذه القصة كما كانت من غير زيادة ولا نقصان كان ذلك إخباراً عن الغيب ومعجزاً باهراً دالاً على نبوّته، وإنما ذكر الاعتبار بقصة إبراهيم عليه السلام لوجوه:
الأوّل: أنّ منكري التوحيد والذين أثبتوا توحيداً ومعبوداً سوى الله تعالى فريقان منهم من أثبت معبوداً غير الله تعالى حياً عاقلاً وهم النصارى، ومنهم من أثبت معبوداً غير الله تعالى جماداً ليس بحيّ ولا عاقل وهم عبدة الأوثان والفريقان وإن اشتركا في الضلال، إلا أنّ ضلال عبدة الأوثان أعظم فلما بين الله تعالى ضلال الفريق الأوّل تكلم في ضلال الفريق الثاني وهم عبدة الأوثان.
الثاني: أنّ إبراهيم عليه السلام كان أبا العرب وكانوا مقرّين بعلوّ شأنه وطهارة دينه على ما قال تعالى أبيكم إبراهيم، وقال تعالى: ﴿ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه﴾ (البقرة، ١٣٠)
فكأنه تعالى قال للعرب: إن كنتم مقلدين لأبيكم على قولكم: ﴿إنا وجدنا آباءنا على أمة﴾ (الزخرف، ٢٢)
فأشرف آبائكم وأعلاهم قدراً هو إبراهيم عليه السلام فقلدوه في ترك عبادة الأصنام والأوثان، وإن كنتم مستدلين فانظروا في هذه الدلائل التي ذكرها إبراهيم عليه السلام لتعرفوا فساد عبادة الأوثان وبالجملة فاتبعوا إبراهيم إمّا تقليداً وإمّا استدلالاً.
الثالث: أنّ كثيراً من الكفار في زمان النبيّ ﷺ كانوا يقولون نترك دين آبائنا وأجدادنا فذكر الله تعالى قصة إبراهيم عليه السلام وهو أنه ترك دين أبيه وأبطل قوله بالدليل ورجح متابعة الدليل على متابعة أبيه ثم قال تعالى في صفة إبراهيم ﴿إنه كان﴾ جبلةً وطبعاً ﴿صدّيقاً﴾ أي: بليغ الصدق في نفسه في أقواله وأفعاله أي: كان من أوّل وجوده إلى انتهائه موصوفاً بالصدق والصيانة وسيأتي الكلام على قوله: ﴿بل فعله كبيرهم هذا﴾ (الأنبياء، ٦٣)
﴿وإني سقيم﴾ (الصافات، ٨٩)
في محله ولما كانت مرتبة النبوّة أرفع من مرتبة الصدّيقية قال تعالى: ﴿نبيا﴾ أي: استنبأه الله تعالى:
إذ لا رفعة أعلى من رفعة من جعله الله واسطة بينه وبين عباده وقوله تعالى ﴿إذ قال﴾ بدل من إبراهيم وما بينهما اعتراض أو متعلق بكان أو بصدّيقاً نبياً أي: كان جامعاً لخصائص الصدّيقين والأنبياء حين قال ﴿لأبيه﴾ آزر هادياً له من تيه الضلال بعبادة الأصنام مستعطفاً له في كل جملة بقوله: ﴿يا أبت﴾ والتاء عوض عن ياء الإضافة ولا يجمع بينهما وقرأ ابن عامر بفتح التاء في الوصل والباقون بكسرها وأمّا الوقف فوقف ابن كثير وابن عامر بالهاء والباقون بالتاء، ثم إنّ الله تعالى حكى عنه أيضاً: أنه تكلم مع أبيه بأربعة أنواع من الكلام النوع الأوّل قوله: ﴿لم تعبد﴾ مريداً بالاستفهام المجاملة واللطف والرفق واللين والأدب الجميل في نصحه له كاشفاً الأمر غاية الكشف بقوله: ﴿ما لا يسمع ولا يبصر﴾ أي: ليس عنده قابلية لشيء من هذين الوصفين ليرى ما أنت فيه من خدمته أو يجيبك إذا ناديته حالاً أو مآلاً ﴿ولا يغني عنك شيئاً﴾ في جلب نفع ودفع ضرّ فوصف الأوثان بصفات ثلاث كل واحدة منها قادحة في الآلهية وبيان ذلك من وجوه:
أحدها: أنّ العبادة غاية التعظيم فلا تستحق إلا لمن له غاية الإنعام وهو الإله الذي منه أصول النعم وفروعها على ما تقرّر في تفسير قوله: ﴿وإنّ الله ربي وربكم﴾ (مريم، ٣٦)
وكما أنه لا يجوز الاشتغال بشكر ما لم تكن منعمة وجب أن لا يجوز الاشتغال بعبادتها.
وثانيها: أنها إذا لم تسمع ولا تبصر ولا تميز من يطيعها عمن يعصيها فأيّ فائدة في عبادتها؟ وهذا تنبيه على أنّ الإله يجب أن يكون عالماً بكل المعلومات.
تعالى: ﴿أستكبرت﴾ استفهام توبيخ أي: تعظمت بنفسك الآن عن السجود له ﴿أم كنت من العالين﴾ أي: من القوم الذين يتكبرون فتكبرت عن السجود له لكونك منهم فأجاب إبليس بقوله:
﴿قال أنا خيرٌ منه﴾ أي: لو كنت مساوياً له في الشرف لكان يقبح أن أسجد له فكيف وأنا خير منه ثم بين كونه خيراً منه بقوله: ﴿خلقتني من نار وخلقته من طين﴾ والنار أشرف من الطين بدليل أن الأجرام الفلكية أفضل من الأجرام العنصرية، والنار أقرب العناصر من الفلك والأرض أبعد عنه، فوجب كون النار أفضل من الأرض، وأيضاً فالنار خليفة الشمس والقمر في إضاءة العالم عند غيبتهما والشمس والقمر أشرف من الأرض فخليفتهما في الإضاءة أفضل من الأرض، وأيضاً فالكيفية الفاعلة الأصلية إما الحرارة وإما البرودة والحرارة أفضل من البرودة لأن الحرارة تناسب الحياة والبرودة تناسب الموت، وأيضاً فالنار لطيفة والأرض كثيفة واللطافة أفضل من الكثافة، وأيضاً فالنار مشرقة والأرض مظلمة والنور خير من الظلمة، وأيضاً فالنار خفيفة تشبه الروح والأرض كثيفة تشبه الجسد والروح أفضل من الجسد فالنار أفضل من الأرض.
والدليل على أن الأرض أفضل من النار إنها أمينة مصلحة فإذا أودعتها حبة ردتها إليك شجرة مثمرة، والنار خائنة مفسدة لكل ما سلمته إليها، وأيضاً فالنار بمنزلة الخادم لما في الأرض إن احتيج إليها استدعيت استدعاء الخادم وإن استغني عنها طردت، وأيضاً فالأرض مستولية على النار لأنها تطفئ النار، وأيضاً فإن استدلال إبليس يكون أصله خيراً من أصله استدلال فاسد لأن أصل الرماد النار وأصل البساتين المزهرة والأشجار المثمرة هو الطين ومعلوم بالضرورة أن الأشجار المثمرة خير من الرماد، وأيضاً هب أن اعتبار هذه الجهة توجب الفضيلة إلا أن هذا يمكن أن يعارض بجهة أخرى توجب الرجحان مثل إنسان نسيب عار عن كل الفضائل فإن نسبه يوجب رجحانه إلا أن الذي لا يكون نسيباً قد يكون كثير العلم والزهد فيكون أفضل من النسيب بدرجات لا حد لها فكذبت مقدمة إبليس، فإن قيل: هب أن إبليس أخطأ في القياس لكن كيف لزمه الكفر في تلك المخالفة وتقرير السؤال من وجوه؛ الأول: أن قوله تعالى: ﴿اسجدوا﴾ أمر وهو يحتمل الوجوب والندب فكيف يلزم العصيان فضلاً عن الكفر، الثاني: هب أنه للوجوب وقلتم إن إبليس ليس من الملائكة فأمر الملائكة بالسجود لآدم لا يدخل فيه إبليس، الثالث: هب أنه تناوله إلا أن تخصيص العام بالقياس جائز فجاز أن يخصص نفسه من عموم ذلك الأمر بالقياس. الرابع: هب أنه لم يسجد مع علمه بأنه كان مأموراً به إلا أن هذا القدر يوجب العصيان ولا يوجب الكفر؟ أجيب: بأن صيغة الأمر وإن لم يدل على الوجوب يجوز أن ينضم إليها من القرائن ما يدل عليه وههنا حصلت تلك القرائن وهي قوله تعالى: ﴿أستكبرت أم كنت من العالين﴾ (ص: ٧٥)
فعلم بذلك أن الأمر للوجوب وأنه مخاطب بالسجود فلما أتى بقياسه الفاسد دل ذلك على أنه إنما ذكر القياس ليتوصل به إلى القدح في أمر الله تعالى وتكليفه وذلك يوجب الكفر.
ولما ذكر إبليس لعنه الله تعالى هذا القياس الفاسد.
﴿قال﴾ الله تعالى له: ﴿فاخرج﴾ أي: بسبب تكبرك ونسبتك الحكيم الذي لا اعتراض عليه إلى الجور ﴿منها﴾ أي: من الجنة، وقيل: من
وبالكسر النجاسة والمعصية، وقال الضحاك: يعني الشرك. وقال الكلبي: يعني العذاب. قال البغويّ: ومجاز الآية اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال.
وقوله تعالى: ﴿ولا تمنن تستكثر﴾ مرفوع منصوب المحل على الحال أي: لا تعط مستكثراً رائياً لما تعطيه كثيراً واجعله خالصاً لله تعالى ولا تطلب عوضاً أصلاً، ومعنى تستكثر أي: طالباً للكثرة كارهاً أن ينقص المال بسبب العطاء، فيكون الاستكثار هنا عبارة عن طلب العوض كيف كان ليكون عطاؤه ﷺ خالياً عن انتظار العوض والتفات النفس إليه. وقيل: لا تعط شيئاً طالباً للكثير نهى عن الاستقرار وهو أن يهب شيئاً وهو يطمع أن يعوض من الموهوب له أكثر من الموهوب وهذا جائز ومنه الحديث: «المستكثر يثاب من هبته» وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون نهياً خاصاً برسول الله ﷺ وهو ظاهر الآية؛ لأنّ الله تعالى اختار له أشرف الآداب وأحسن الأخلاق والثاني: أنه نهي تنزيه لا تحريم له ولأمّته. وقيل: إنه تعالى لما أمره بأربعة أشياء: إنذار القوم وتكبير الرب وتطهير الثياب وهجر الرجز.
ثم قال: ﴿ولا تمنن تستكثر﴾ أي: لا تمنن على ربك بهذه الأعمال الشاقة كالمستكثر لما تفعله ﴿ولربك فاصبر﴾ أي: على الأوامر والنواهي متقرّباً بذلك إليه غير ممتن به عليه. وقال الحسن: بحسناتك تستكثرها. وقال ابن عباس: ولا تعط عطية ملتمساً بها أفضل منها. وقيل: لا تمنن على الناس بما تعلمهم من أمر الدين والوحي مستكثراً بذلك الإنعام، فإنك إنما فعلت ذلك بأمر الله تبارك وتعالى فلا منة لك به عليهم.
ولهذا قال تعالى: ﴿ولربك فاصبر﴾ وقيل: لا تمنن عليهم بنبوّتك لتستكثر أي: لا تأخذ منهم أجراً على ذلك تستكثر به مالك، وقال مجاهد والربيع: لا تعظم عملك في عينك أن تستكثر من الخير فإنه مما أنعم الله تعالى به عليك. وقال ابن كيسان: لا تستكثر عملك فتراه من نفسك إنما عملك منة من الله تعالى عليك إذ جعل لك الله تعالى سبيلاً إلى عبادته. وقال زيد بن أسلم: إذا أعطيت عطية فأعطها لربك لا تقل: دعوت فلم يستجب لي. وقيل: لا تفعل الخير لترائي به الناس.
ولما ذكر تعالى ما يتعلق بإرشاد النبيّ ﷺ ذكر بعده وعيد الأشقياء بقوله تعالى:
﴿س٧٤ش٨/ش١٧ فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ * فَذَالِكَ يَوْمَـ؟ـ؟ِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ * ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ؟ مَا؟ مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ؟ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَ؟؟ إِنَّهُ؟ كَانَ ؟يَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ؟ صَعُودًا﴾
﴿فإذا نقر﴾ أي: نفخ ﴿في الناقور﴾ أي: في الصور وهو القرن النفخة الثانية فاعول من النقر أي: من التصويت وأصله القرع الذي هو سبب الصوت والفاء للسببية كأنه قال تعالى: اصبر على زمان صعب تلقى فيه عاقبة صبرك وأعداؤك عاقبة ضرهم.
وإذا ظرف لما دل عليه قوله تعالى: ﴿فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين﴾ لأنّ معناه: عسر الأمر على الكافرين وذلك إشارة إلى وقت النقر وهو مبتدأ خبره يوم عسير ويومئذ بدل أو ظرف لخبره إذ التقدير فذلك الوقت وقوع يوم عسير وقرأ على الكافرين وأصحاب النار أبو عمرو والدوري عن الكسائي بالإمالة محضة، وقرأ ورش بين اللفظين والباقون بالفتح.
ولما كان العسر قد يطلق على الشيء وفيه يسر من بعض الجهات أو يعالج فيرجع يسيراً بين أنه ليس كذلك بقوله تعالى: ﴿غير يسير﴾ فجمع فيه بين إثبات الشيء ونفي ضدّه تحقيقاً لأمره ودفعاً للمجاز عنه، وتقييده بالكافرين يشعر بيسره على المؤمنين فإنهم لا يناقشون الحساب ويحشرون بيض الوجوه ثقال الموازين. قال الرازي: ويحتمل أنه عسير على المؤمنين والكافرين إلا أنه على