الباقون على أن الله تعالى هو الفاعل ﴿وينزل عليكم من السماء ماء﴾ أي: مطراً ﴿ليطهركم به﴾ أي: من الأحداث والجنابات، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بسكون النون وتخفيف الزاي، والباقون بفتح النون وتشديد الزاي، وذلك أنّ المسلمين نزلوا يوم بدر على كثيب رمل أعفر تسوخ فيه الأقدام وحوافر الدواب، فناموا فاحتلم أكثرهم، وكان المشركون قد سبقوهم على ماء بدر، فنزلوا عليه وأصبح المسلمون على غير ماء وبعضهم محدث وبعضهم جنب وأصابهم العطش، فوسوس إليهم الشيطان، أو قال لهم المنافقون: تزعمون أنكم على الحق وفيكم نبيّ الله ﷺ وأنتم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون محدثين، فكيف ترجون أن تظهروا على عدوّكم وما ينتظرون بكم إلا أن يجهدكم العطش فإذا قطع العش أعناقكم مشوا إليكم فقتلوا من أحبوا وساقوا بقيتكم إلى مكة؟ فحزنوا حزناً شديداً وأشفقوا، فأنزل الله تعالى مطراً أسال منه الوادي، فشرب منه المؤمنون واغتسلوا وتوضؤوا وسقوا الدواب وملؤوا الأسقية وطفىء الغبار وعظمت النعمة من الله عليهم بذلك، وكان دليلاً على حصول النصر والظفر وزالت عنهم وسوسة الشيطان كما قال تعالى: ﴿ويذهب عنكم رجز الشيطان﴾ أي: وسوسة الشيطان التي ألقاها في قلوبكم، وقيل: الجنابة؛ لأنها من تخييله.
فإن قيل: يلزم على هذا التكرار فإنّ هذا تقدّم في قوله تعالى: ﴿ليطهركم به﴾ وأجيب عنه: بأنّ المراد من قوله تعالى: ﴿ليطهركم به﴾ حصول الطهارة الشرعية ومن قوله تعالى ﴿ويذهب عنكم رجز الشيطان﴾ أن الرجز هو عين المنيّ، فإنه شيء مستخبث، وطابت أنفسهم كما قال تعالى: ﴿وليربط﴾ أي: يحبس ﴿على قلوبكم﴾ باليقين والصبر ولبدت الأرض حتى ثبتت عليها الأقدام كما قال تعالى: ﴿ويثبت به الأقدام﴾ أي: أن تسوخ في الرمل، والضمير في «به» للماء ويجوز كما قال الزمخشريّ أن يكون للربط؛ لأنّ القلب إذا تمكن فيه الصبر والجراءة ثبتت الأقدام في مواطن القتال وقوله تعالى:
﴿إذ يوحي ربك﴾ متعلق بيثبت أو بدل من «إذ يعدكم» ﴿إلى الملائكة﴾ أي: الذين أمدّ بهم المسلمين وقوله تعالى: ﴿إني﴾ أي بأني ﴿معكم﴾ أي: بالعون والنصرة مفعول يوحي ﴿فثبتوا الذين آمنوا﴾ أي: قوّوا قلوبهم بأن تقاتلوا المشركين معهم، وقيل: بالتبشير والإعانة، فكان الملك يمشي في صورة رجل أمام الصف ويقول: أبشروا فإنّ الله تعالى ناصركم عليهم فإنكم تعبدونه وهؤلاء لا يعبدونه، وقيل: بإلقاء الإلهام في قلوبهم كما أنّ للشيطان قوّة في إلقاء الوسوسة في قلب ابن آدم بالشر ويسمى ما يلقيه الشيطان وسوسة وما يلقيه الملك إلهاماً.
ثم بين تعالى المعية بقوله تعالى: ﴿سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب﴾ أي: الخوف فلا يكون لهم ثبات وكان ذلك نعمة من الله تعالى على المؤمنين حيث ألقى الخوف في قلوب المشركين، وقرأ ابن عامر والكسائي برفع العين، والباقون بالسكون وقوله تعالى: ﴿فاضربوا﴾ خطاب للمؤمنين وللملائكة ﴿فوق الأعناق﴾ أي: أعاليها التي هي المذابح والمفاصل والرؤوس، فإنها فوق الأعناق وقيل: المراد الأعناق، وفوق صلة، أو بمعنى على أي: اضربوا على الأعناق ﴿واضربوا منهم كل بنان﴾ قال ابن عطية: يعني: كل مفصل، وقال ابن عباس: يعني: الأطراف، والبنان جمع بنانة وهي أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، وقال ابن
جعل لهم محمداً نصيباً فنحن معه، فلما أمسى رسول الله ﷺ أتاه جبريل فقال: يا محمد ماذا صنعت لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله عز وجل، فحزن رسول الله ﷺ حزناً شديداً وخاف من الله تعالى خوفاً شديداً، فأنزل الله تعالى هذه الآية تعزية له وكان به رحيماً، وسمع بذلك من كان بأرض الحبشة من أصحاب النبي ﷺ وبلغهم سجود قريش، وقيل: قد أسلمت أهل مكة، فرجع أكثرهم إلى عشائرهم وقالوا: هم أحبّ إلينا حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن الذي كانوا يتحدّثون به من إسلام
أهل مكة كان باطلاً، فلم يدخل أحد منهم إلا بجوار مستخفياً، فلما نزلت هذه الآية قالت قريش: ندم محمد على ما ذكر من منزلة آلهتنا عند الله تعالى، فغيّر ذلك. قال الرازي: هذه رواية عامّة المفسرين الظاهرية أما أهل التحقيق فقد قالوا: هذه الرواية باطلة موضوعة، واحتجوا على البطلان بالقرآن والسنة والمعقول.
أمّا القرآن فبوجوه أحدها: قوله تعالى: ﴿ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين﴾ (الحاقة: ٤٤، ٤٥، ٤٦)
ثانيها: قوله تعالى: ﴿قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي﴾ (يونس، ١٥)، ثالثها: قوله تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى﴾ (النجم، ٣)
وأمّا السنة فمنها ما روي عن محمد بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة، فقال: هذا من وضع الزنادقة وصنف فيه كتاباً، وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، فقد روى البخاري في صحيحه: «أنه ﷺ قرأ سورة النجم وسجد فيها، وسجد المسلمون والكفار والإنس والجن»، وليس فيه حديث الغرانيق.
وأما المعقول فمن وجوه: أحدها: أنّ من جوّز على النبيّ ﷺ تعظيم الأوثان فقد كفر؛ لأنّ من المعلوم بالضرورة أن النبيّ كان معظم سعيه في نفي الأوثان، ثانيها: قوله تعالى: ﴿فينسخ الله ما يلقي الشيطان، ثم يحكم الله آياته﴾ (الحج، ٥٢)، وإزالة ما يلقيه الشيطان عن الرسول ﷺ أقوى من نسخ هذه الآيات التي تبقى الشبهة معها فإذا أراد الله تعالى إحكام الآيات لئلا يلتبس ما ليس بقرآن قرآناً، فبأن يمنع الشيطان من ذلك أصلاً أولى، ثالثها: وهو أقوى الوجوه لو جوّزنا ذلك ارتفع الإيقان عن شرعه ولجوّزنا في كل واحد من الأحكام والشرائع أن يكون كذلك فيبطل قوله تعالى: ﴿بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾ (المائدة، ٦٧)، فإنه لا فرق في العقل بين النقصان من الوحي وبين الزيادة فيه.
وزاد الرازي أدلة أخرى على ذلك ثم قال: وقد عرفنا أنّ هذه القصة موضوعة أكثر ما في الباب أنّ جمعاً من المفسرين ذكروها وخبر الواحد لا يعارض الدلائل العقلية والنقلية المتواترة، انتهى. وهذا هو الذي يطمئن إليه القلب وإن أطنب ابن حجر العسقلاني في صحتها، ثم قال: وحينئذٍ فيتعين تأويل ما وقع فيها مما ينكر، وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق إلخ، انتهى.
وعلى القول بها قد سلك العلماء في ذلك مسالك أحسنها أنّ النبيّ ﷺ كان يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات، ونطق بتلك الكلمات محاكياً نغمته بحيث سمعه من دنا إليه فظنها من قوله وأشاعها، وقال البيضاوي: بعد أن ذكر بعض هذه القصة وهو مردود عند المحققين، وإن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه، انتهى.l
قال ابن الأثير: والغرانيق هنا الأصنام، وهي في الأصل للذكور من طير الماء واحدها غرنوق وغرنيق سمي به
أي: خلقني ﴿فإنه سيهدين﴾ أي: يرشدني لدينه ويوفقني لطاعته.
تنبيه: في هذا الاستثناء أوجه؛ أحدها: أنه استثناء منقطع لأنهم كانوا عبدة أصنام فقط، ثانيها: أنه متصل لأنه روي أنهم كانوا يشركون مع الباري غيره، ثالثها: أن تكون إلا صفة بمعنى غير على أن تكون ما نكرة موصوفة قاله الزمخشري. قال أبو حيان: وإنما أخرجها في هذا الوجه عن كونها موصولة لأنه يرى أن إلا بمعنى غير لا يوصف بها إلا النكرة وفيها خلاف، وعلى هذا يجوز أن تكون ما موصولة وإلا بمعنى غير صفة لها.
﴿وجعلها﴾ أي: إبراهيم ﴿كملة﴾ أي: التوحيد المفهومة من قوله إنني إلى سيهدين ﴿باقية في عقبه﴾ أي: ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله تعالى لأنه عليه السلام مجاب الدعوة وقال: ﴿ومن ذريتي﴾ (إبراهيم: ٤٠)
﴿ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم﴾ (البقرة: ١٢٩)
﴿لعلهم﴾ أي: أهل مكة ﴿يرجعون﴾ عما هم عليه إلى دين أبيهم فإنهم إذا ذكروا أن أباهم الأعظم الذي بنى لهم البيت وأورثهم الفخر قال ذلك تابعوه قال الله تعالى:
﴿بل متعت هؤلاء﴾ أي: الذين بحضرتك من المشكرين وأعداء الدين ﴿وآياتهم﴾ أي: مددت لهم في الأعمار مع إسباغ النعم وسلامة الأبدان من البلايا والنقم ولم أعاجلهم بالعقوبة فأبطرتهم نعمتي، وتمادى بهم ركوب ذلك الباطل ﴿حتى جاءهم الحق﴾ أي: القرآن ﴿ورسول مبين﴾ أي: مظهر لهم الأحكام الشرعية وهو محمد صلى الله عليه وسلم
﴿ولما جاءهم الحق﴾ أي: الكامل في حقيقته بمطابقة الواقع إياها من غير إلباس ولا اشتباه وهو القرآن العظيم ﴿قالوا﴾ مكابرة وعناداً وحسداً من غير وقفة ولا تأمل ﴿هذا﴾ مشيرين إلى الحق الذي يطابقه الواقع فلا شيء أثبت منه وهو القرآن الكريم ﴿سحر﴾ أي: خيال لا حقيقة له ﴿وإنا به كافرون﴾ أي: عريقون في ستره بخصوصه حتى لا يعرفه أحد ولا يكون له تابع. ثم ذكر تعالى نوعاً آخر من كفرهم بقوله تعالى:
﴿وقالوا لولا﴾ أي: هلا ﴿نزل﴾ يعني من المنزل الذي ذكره محمد ﷺ وعينوا مرادهم ونفوا اللبس فقالوا: ﴿هذا القرآن﴾ أي: الذي جاء به محمد ﷺ وادعى أنه جامع لكل خير ﴿على رجل من القريتين﴾ أي: مكة والطائف ﴿عظيم﴾ لأنهم قالوا: منصب الرسالة منصب شريف لا يليق إلا برجل شريف وصدقوا في ذلك إلا أنهم ضموا إليه مقدمة فاسدة، وهي: أن الرجل الشريف عندهم هو الذي يكون كثير المال والجاه، ومحمد ﷺ ليس كذلك فلا تليق رسالة الله تعالى به، وإنما يليق هذا المنصب برجل عظيم الجاه كثير المال يعنون الوليد بن المغيرة بمكة، وعروة بن مسعود بالطائف، قال قتادة، وقال مجاهد: عتبة بن ربيعة من مكة وعبد يا ليل الثقفي من الطائف، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هو الوليد بن المغيرة من مكة ومن الطائف حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي.
تنبيه: قوله تعالى: ﴿من القريتين﴾ فيه حذف مضاف قدره بعضهم من رجلي القريتين، وقيل: من إحدى القريتين، وقيل: المراد عروة بن مسعود الثقفي كان بالطائف وكان يتردد بين القريتين فنسب إلى كليهما، ثم رد الله تعالى عليهم إعراضهم منكراً عليهم موبخاً لهم بما معناه أنه ليس الأمر مردوداً ولا موقوفاً عليهم بل إلى الله تعالى وحده والله أعلم حيث يجعل رسالاته بقوله تعالى:
﴿أهم﴾ أي: أهؤلاء الجهلة
يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: لقد خشيت على نفسي، فقالت له خديجة: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله تعالى أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عمّ اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره رسول الله ﷺ خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني أكون فيها جذعاً ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال له رسول الله ﷺ أو مخرجيّ هم؟ فقال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل
ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم يلبث ورقة أن توفي وفتر الوحي» زاد البخاري قال: «وفتر الوحي حتى حزن النبيّ ﷺ فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً حتى يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل عليه السلام فقال له: يا محمد إنك لرسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه، وتقرّ نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا مثل ذلك، فإذا وافى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له: مثل ذلك». ففي الحديث دليل صحيح على أن سورة اقرأ أوّل ما نزل من القرآن، وفيه ردّ على من قال: إنّ المدثر أول ما نزل من القرآن، وعلى من قال: إنّ الفاتحة أوّل ما نزل ثم سورة القلم. وفي هذا الحديث من مراسيل الصحابة، ومرسل الصحابي حجة عند جميع العلماء إلا ما انفرد به الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني. وإنما ابتدئ ﷺ بالرؤيا لئلا يفجأه الملك فيأتيه بصريح النبوّة بغتة فلا تحملها القوى البشرية، فبدئ بأوائل علامة النبوّة توطئة للوحي.
تنبيه: محل ﴿باسم ربك﴾ النصب على الحال، أي: اقرأ مفتتحاً باسم ربك أو مستعيناً به، قل: بسم الله ثم اقرأ. وقال أبو عبيدة: مجازه اقرأ اسم ربك، يعني: أنّ الباء زائدة، والمعنى: اذكر اسمه، أمر أن يبتدئ القراءة باسم الله تعالى تأديباً. وقيل: الباء بمعنى على، أي: أقرأ على اسم ربك كما في قوله تعالى: ﴿وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها﴾ (هود: ٤١)
قاله الأخفش. فإن قيل: كيف قدم هذا الفعل على الجاررّ وقدر مؤخراً في بسم الله الرحمن الرحيم، أي: على سبيل الأولوية كما في ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ (الفاتحة: ٤)
ولأنه تعالى مقدم ذاتاً لأنه قديم واجب الوجود لذاته فيقدم ذكراً؟ أجيب: بأن هذا في ابتداء القراءة وتعليمها لما مرّ أنها أول سورة نزلت فكان الأمر بالقراءة أهم باعتبار هذا العارض، وإن كان ذكر الله تعالى أهم في نفسه. وذكرت أجوبة غير هذا في مقدّمتي على البسلمة والحمدلة
وقوله تعالى: ﴿الذي خلق﴾ يجوز أن لا يقدّر له مفعول، ويراد أنه الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه وأن يقدّر له مفعول ويراد خلق كل شيء فيتناول كل مخلوق لأنه مطلق فليس بعض المخلوقات أولى بتقديره من بعض.
وقوله تعالى: ﴿خلق الإنسان﴾ أي: هذا الجنس الذي من شأنه الإنس بنفسه، وما رأى من أخلاقه وحسنه وما ألفه من أبناء


الصفحة التالية
Icon