فصل في الفصل والوصل


- اعلم أن الموصول في الوجود توصل في الخط، كما توصل حروف الكلمة الواحدة، والمفصول معنى في الوجود يفصل في الخط، كما تفصل كلمة عن كلمة.
١ - فمنه «إنما» بالكسر، كله موصول إلا واحدة: إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ [الأنعام: ١٣٤] لأن حرف «ما» هنا وقع على مفصل، فمنه خير موعود به لأهل الخير، ومنه شر موعود به
لأهل الشر، بمعنى «ما» مفصول في الوجود والعلم.
٢ - ومنه «أنما» بالفتح كله موصول إلا حرفان: وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ [الحج: ٦٢]، وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ [لقمان:
٣٠].
وقع الفصل عن حرف التوكيد، إذ ليس لدعوى غير الله وصل في الوجود، إنما وصلها في العدم والنفي، بدليل قوله تعالى عن المؤمن:
أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ [غافر: ٤٣]، فوصل «أنما» في النفي، وفصل في الإثبات، لانفصاله عن دعوة الحق.
٣ - ومنه «كلما» موصول كله إلا ثلاثة:
كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها [النساء: ٩١] فما ردوا إليه ليس شيئا واحدا في الوجود، بل أنواع مختلفة في الوجود، وصفة مردهم ليست واحدة بل متنوعة، فانفصل «ما» لأنه لعموم شيء مفصل في الوجود.


الصفحة التالية
Icon