ويروى عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال في سورة العصر: «لو ما أنزل الله حجة على عباده إلا هذه السورة لكفتهم».
فالذي يلمس السلك الكهربائي من طرفه أو وسطه أو أي مكان منه تسري الكهرباء في جسمه وكذلك القرآن الكريم إذا خالطت آية منه القلب أحيت الإنسان ظاهرا وباطنا. فالقرآن حبل الله المتين فمن أي طرف أو مكان لمست هذا الحبل أثر بك، فطرفه بيد الله وطرفه الآخر بيد العباد فأي جزء أخذنا منه سرى سرّه في القلوب فارتجفت به وحييت.
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ [الزمر: ٢٣].
- قد يقول قائل: فما فائدة القرآن كله إذا كانت آية واحدة كافية لحياة القلوب والجواب: إن مهمة القرآن الكريم ليست حياة القلوب فقط. إنما هي وضع مناهج العمل الذي تنتظم به الحياة حتى لا يضل المرء عملا واعتقادا أثناء سيره إلى الله. ويقول بعضهم «من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق».
التصوف: حياة القلب والتفقه معرفة أحكام الله. ولذلك ورد في الحديث: «فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد».
- وحياة القلوب تحدث بآية واحدة أو كلمة واحدة لأنها روح.
أما الأحكام فإن الله عز وجل يعلم من طبيعة تكويننا أن عقولنا لا تفقهها إلا وهي مفصلة. ولو كانت طبيعة العقول كطبيعة القلوب في تقبلها الحقائق والأحكام جملة واحدة في لحظة واحدة كلمح البصر لساق لنا الأحكام في آية واحدة. فليس المعول عليه في حياة القلوب مقدار ما نقرأ من القرآن الكريم ولكن كيف نقرأ القرآن الكريم فعلينا:


الصفحة التالية
Icon